عون الناس وإكرامهم طريق استجلاب النعم
 

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن لله عزوجل عباداً اختصهم بالنعم لمنافع العباد يُقِرُّها فيهم ما بذلوا فإذا منعوها حوَّلها عنهم وجعلها في غيرهم).

* ما يرشد إليه الحديث:

يبيّن لنا النَّبيّ الأعظم صلى الله عليه وسلم أن هناك خلقاً لله تعالى خلقهم وأسبغ عليهم نعماً خصّهم بها لأجل منافع العباد ويقرّها فيهم ما بذلوها – أي مدة دوام إعطائهم منها للمستحق – فإن منعوها نزعها منهم فحوّلها إلى غيرهم لمنعهم الإعطاء للمستحق (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ) [الرعد:11].

فالعاقل الحازم من يستديم النعمة ويداوم على الشكر والإفضال منها على عباده وإكتساب ما يفوز به في الآخرة (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ) [القصص:77].

وفي الحديث الذي أخرجه الطبراني بإسناد جيد كما في (الترغيب والترهيب) 3/391 عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ما من عبد أنعم الله عليه نعمة، فأسبغها عليه- فأتمها – ثم جعل حوائج الناس إليه، فتبرّم – أي فتضجر – فقد عرّض تلك النعمة للزوال).

وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: قيدوا النعم بالشكر، فإن لها أوابد كأوابد الوحش.

وقد أشار إلى هذا المعنى ابن عطاء الله في حِكَمه، فقال: من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها، ومن شكرها فقد قيّدها بعقالها.

والشكر هو: صرف النعم لما خلقت له.

قال سهل التستري: أدنى الشكر أن لا تعصيَ الله تعالى بنعمة وجوارحك كلها نعم من الله تعالى، فلا تعصه بها.

وقال بعضهم: الشكر قيد النعمة، ومفتاح المزيد، وثمن الجنة.

وقال أبو عمر بن عبد البر في ( بهجة المجالس...): مكتوب في(التوراة) اشكر لمن أنعم عليك، وأنعم على من شكرك، فإنه لا زوال للنعم إذا شكرت، ولا مقام لها إذا كفرت، والشكر زيادة في النعم، وأمان من الغير.

وروي في (بهجة المجالس) 1/302 عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ما أنعم الله عز وجل على عبد بنعمة وعلم أنها من عند الله إلا كتب الله له شكرها، وما علم الله من عبد ندامة على ذنب إلا غفر له قبل أن يستغفره، وإن الرجل ليلبس الثوب فيحمد الله فما يبلغ ركبتيه حتى يغفر له).

  • أهم المصادر والمراجع:

-          الأربعون حديثاً في اصطناع المعروف: الإمام زكي الدين عبدالعظيم المنذري

-          انظر: الآداب الشرعية: الإمام محمد بن مفلح المقدسي.

-          خلق المسلم: د. وهبة الزحيلي.

-          معرفة علوم الحديث:الإمام الحاكم.