من جوامع أدعيته العامة صلى الله عليه وسلم
 

جاء في (الصحيحين) عن أنس رضي الله عنه قال: «كان أكثرُ دعاء النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهمَّ: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾».

والحسنة في الدنيا: هي- كما ورد عن علي كرم الله تعالى وجهه-: المرأة الصالحة.

وقال قتادة: هي العافية والكفاف.

وقال الحسن البصري: هي العلم والعبادة.

وقال السُّدي: المال الصالح.

وقال ابن عمر: الأولاد الأبرار أو ثناء الخلق.

وقال جعفر الصادق رضي الله عنه: صحبة الصالحين.

قال العلامة الآلوسي: والظاهر أن الحسنة وإنْ كانت نكرةً في الإثبات وهي لا تعمُّ إلا أنها مطلقة فتنصرف إلى الكامل، والحسنة الكاملة في الدنيا ما يشمل جميع حسناتها، وهو توفيق الخير، وبيانها - أي: تفسير الحسنة- بشيء مخصوص، ليس من باب تعيين المراد، إذ لا دلالة للمطلق على المقيَّد أصلاً، وإنما من باب التمثيل.

قال: وكذا الكلام في ﴿وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً﴾ فقد قيل: هي: الجنة، وقيل: السلامة من هول الموقف وسوء الحساب، وقيل: الحور العين، وقيل: لذة الرؤية- أي: رؤية الباري جلَّ وعزَّ- وقيل وقيل والظاهر الإطلاق وإرادة الكامل، وهو الرحمة والإحسان. أي: بجميع تلك الأصناف وغيرها.

وفي (الصحيحين) عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا رجلاً من المسلمين قد صار مثلَ الفرخ المنتوف.

فقال له صلى الله عليه وسلم: «هل كنتَ تدعو الله بشيء؟»

قال: نعم، كنتُ أقول: اللهم ما كنتَ معاقبي به في الآخرة، فعجِّله لي في الدنيا

فقال صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله إذاً لا تطيق ذلك ولا تستطيعه، فهلَّا قلتَ: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾» ودعا له فشفاه الله تعالى.

ومن أدعيته الجامعة صلى الله عليه وسلم:

«اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادةً لي من كلِّ خير، واجعل الموت راحةً لي من كلِّ شرٍّ».

ومن ذلك:

«ربِّ أعنّي ولا تُعنْ عليَّ، وانصُرني ولا تنصُر عليَّ، وامكُر لي ولا تمكر عليَّ، واهدني ويَسِّرٍ لي الهُدى، وانصرني على من بغى عليّ.

ربِّ اجعلني لك ذكّاراً، لك شَكَّاراً لكَ رهّاباً، مِطْواعاً لك، مُخْبتاً إليكَ، أوَّاهاً منيباً.

ربِّ تقبَّل توبتي، واغسل حَوْبتي، وأَجبْ دعوتي، وثبِّت حُجَّتي، وسَدِّدْ لساني، واهدِ قلبي، واسلُلْ سخيمة صدري- وفي رواية: قلبي».

ومن ذلك:

«اللهم إني أسألك الهُدى والتُّقى، والعفاف والغنى». رواه مسلم من حديث ابن مسعود.

ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم:

«اللهم لك أسلمتُ، وبك آمنت، وعليك توكّلتُ، وإليك أنبتُ، وبك خاصمتُ.

اللهم إني أعوذ بعزَّتك لا إله إلا أنتَ: أن تُضلَّني، أنت الحيُّ الذي لا يموت».

وفي رواية: «أنتَ الحيُّ القيُّوم الذي لا يموت والجن والإنس يموتون». رواه الشيخان عن ابن عباس.

ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم:

«اللهم عافني في جسدي، وعافني في سمعي وبصري، واجعلهما الوارثَ مني لا إله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله ربِّ العرش العظيم، والحمد لله رب العالمين». رواه الترمذي والحاكم والبيهقي من حديث عائشة رضي الله عنها.

ومن أدعيته صلى الله عليه وسلم الجامعة لأنواع من التعاويذ:

«اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجُبْن، والهرَم، والبخل، وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات». رواه الشيخان من حديث أنس.

وفي رواية للبخاري: «اللهم إني أعوذ بك من الهمِّ والحَزَن، والعجز والبخل، والجبن وضَلَع الدَّين وغلبة الرجال». ومن ذلك: «اللهم إني أعوذ بك من الجُذام والبَرَص والجنون وسيِّئ الأسقام». رواه أبو داود والنسائي من حديث أنس بإسنادٍ صحيح.

ومن ذلك: ما جاء عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل، والجبن والبخل والهرم، وعذاب القبر.

اللهمَّ آتِ نفسي تقواها، وزكِّها أنت خبر مَنْ زكَّها، أنت وليُّها ومولاها.

الهم إني أعوذ بك من علمٍ لا ينفع، ومن قلبٍ لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا يُستجاب لها».

قال العلامة الطيبي: في كلٍّ من هذه القرائن إشعارٌ بأن وجود الشيء مبني على غايته، والغرض- أي: المقصود الغاية: فإن تعلم العلم إنما هو للنفع به، فإذا لم ينفعه لم يخلُص كَفافاً، بل يكون وبالاً- على صاحبه- وإن القلب إنما خُلق ليخشع فهو قاسٍ يُستعاذ منه، ﴿فَوَيْلٌ لِّلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم﴾.

وإنما يعتدُّ بالنفس إذا تجافتْ- أي: تباعدت- عن دار الغرور، وأنابت إلى دار الخلود، فإذا كانت- النفس- نهمةً لا تشبع، كانت أعدى عدوّ للمرء، فهي أهم ما يُستعاذ منه.

وعدم استجابة الدعاء: دليلٌ على أن الداعي لم ينتفع بعلمه، ولم يخشع قلبه، ولم تشبع نفسه.

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من الشِّقاق والنفاق، وسوء الأخلاق». رواه أبو داود من حديث أبي هريرة.

وكان صلى الله عليه وسلم يُعوِّذ الحسن والحسين يقول: «أعوذ- هذا لفظ البخاري ووقع في الأذكار: أُعيذكما- بكلمات الله التامَّة، من كلِّ شيطان وهامَّة، ومن كلِّ عين لامَّة».

ويقول: «إن أباكما- أي: جدكما الأعلى إبراهيم عليه الصلاة والسلام- كان يعوّذ بها إسماعيل وإسحاق» رواه البخاري وغيره.

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفُجاءة نقمتك، وجميع سَخَطك». رواه مسلم وأبو داود.

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من منكرات الأخلاق والعمال والأهواء والأدواء» رواه الترمذي وغيره.

وكان صلى الله عليه وسلم يقول: «اللهم إني أعوذ بك من يوم السوء، ومن ليلة السوء، ومن ساعة السوء، ومن صاحب السوء، ومن جار السوء في دار المُقامة». رواه الطبراني من حديث عقبة بن عامر.

* * *

 

  • أهم المصادر والمراجع:

-          سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (شمائله المحمدية وخصاله المجيدة): الشيخ عبدالله سراج الدين.

-          الشمائل المحمدية: د. مصطفى البغا.