لوط عليه السلام
 

لوطٌ: اسمُ علمٍ أعجمي، سُميَ به نبيٌّ كريمٌ من أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام، وهو مصروفٌ لأنّه ثلاثيٌّ ساكنُ الوسط، وإن العلم الأعجميُّ ثلاثياً ساكن الوسط، اسماً المذكَّر، وجب صرفه لخفَّته، نوحٍ ولوط.

وبما أنَّ (لوطاً) علمٌ أعجميّ، فليس له معنى في اللغة العربية.

ولا صلة في الاشتقاق ولا في المعنى بين (لوطٍ) النبيّ الكريم عليه الصلاة والسلام، وبين المادة العربية (اللَّوْط). التي بمعنى الالتصاق. لأنَّ (لوطاً) أعجمي، لا معنى له في اللغة العربية.

أما (اللَّوْطُ) العربية، فكلُّ تصرفاتِ واشتقاقات المادة تدلُّ على اللصوق.تقول: لاطَ فلانٌ حوضَه. أيْ: طيَّنَه وألصقَ الطين به. ولاطَ حبُّه بقلبي. أي: ألتصقَ حبُّه بقلبي وتمكَّنَ منه.

و(لوطٌ) النبيُّ عليه السلام كان مع إبراهيم عليه السلام في بلاد العراق، وهاجر معه إلى الأرض المقدَّسة في فلسطين، وهناك بعثه اللهُ رسولاً إلى قومٍ كافرين في منطقة الأردن، وانتشرتْ بينهم فاحشةٌ شاذّة، وهي إتيانُهم الرجالَ شهوةً من دون النساء.

وهذه الفاحشةُ الشاذّةُ سُميت (اللواط). وظنَّ بعضهم أنَّ هذا الاسم مشتقٌّ من اسم (لوط) لتشابُهِ الكلمتين في الحروف!.

وهذا ظنٌّ باطل، وزعمٌ مردود، فلا صلة في المعنى بين اسم لوطٍ وبين فاحشة اللواط الشاذة، لأنّ (لوطاً) علمٌ أعجمي، وهو اسمٌ عفيف، سُميَ به نبيٌّ كريمٌ عليه السلام، و(اللِّواط) كلمةٌ عربيةٌ مشتقةٌ من (اللَّوط)، الذي هو اللُّزوق والالتصاق.

وسُميتْ هذه الفاحشةُ الشاذةُ لواطاً، لأنَّ الرجلين الشاذّين يلتصقُ أحدُهما بالآخر عند ممارستها!.

قال ابن منظورٍ في (لسان العرب) «لوطٍ: اسم النبيِّ، صلى الله على سيدنا محمد نبينا وعليه وسلم. و: لاطَ الرجلُ لِواطاً، ولاوَطَ. أَيْ: عَمِلَ عَمَلَ قومِ لوط.

و: لوطٌ: اسمٌ ينصرفُ مع العجمةِ والتعريف، وكذلك نوحٌ. قال الجوهري: وإنما ألزموه الصَّرْفَ، لأنَّ الاسمَ على ثلاثة أحرف، أوسطه ساكن، وهو على غاية الخفَّة، فقاومت خفَّتُه أحدَ السببين...».

وقال السمينُ الحلبي: «لوطٌ: علمٌ للنبيِّ المشهور، ابنِ أُختِ إبراهيمَ خليل الرحمن المهاجر معه، عليهما الصلاة والسلام. (لوطٌ) منصرفٌ لخفَّتِه، وإن كان علماً أعجمياً. وغَلَطَ من جوَّزَ فيه- وفي نوح- الوجهين: الصرفَ والمنعَ من الصرف. والظاهرُ أنَّه لا اشتقاق له، لعُجمته».

وقد ورد (لوطٌ) في القرآن سبعاً وعشرين مرة: خمس مراتٍ في سورة هود، وثلاث مراتٍ في سورة الشعراء، وأربع مراتٍ في سورة العنكبوت، ومرتين في كلٍّ من: الحجر، والنمل، والأنبياء، والقمر. ومرةً واحدةً في كلٍّ من الأنعام، والأعراف، والحج، والصافات، وص، وق، والتحريم.

عاش لوطٌ عله السلام مع قومه، يدعوهم إلى الإيمان بالله، وينكرُ عليهم شذوذهم وإتيانهم الرجالَ شهوة من دون النساء، لكنهم لم يستجيبوا له، وأصرّوا على كفرهم وانحرافهم، حتى إنَّ امرأته خالفته، ووافقتْ قومها على الكفر، ولما استمرَّ لوطٌ عليه السلام في دعوتهم أمروا بإخراجه من قريتهم، هو وآلُه الفاحشة، ولا مكان للعفيفين المتطهِّرين عند القوم المنحرفين الشاذّين!!.

ولما حقَّتْ على قوم لوطٍ الشاذّين العقوبة، أرسل الله ملائكةً في صورة رجالٍ حسان، ومرّوا على إبراهيم عليه السلام ثم توجَّهوا إلى لوطٍ عليه السلام، وهو لا يعرفُهم، ولما علمَ بهم قومُه هجموا عليه، ليأخذوهم منه ليفجروا بهم، ولم يستجيبوا لنصحه، عند ذلك أخبره ضيوفُه أنهم ملائكة، وأنّهم سيوقعون العذاب بأهل القرية عند الصبح، وأمروه أن يخرج منها هو وأهله المؤمنون ليلاً، وأن يبتعد عنها لئلا يصيبه العذاب.

وفي الصباح قلبَ اللهُ تلك القرية، وجعل عاليها سافلها، وأمطر على أهلها حجارة من سجيل منضود، وأهلك أهل القرية الكافرين، ومنهم امرأة لوط الكافرة، وأبقى آثار القرية المدمَّرةِ عبرةً لمن بعدَهم.

* *

  • المصدر:

الأعلام الأعجمية في القرآن: د. صلاح الخالدي.