ترجمة الإمام المناوي
 

هو عبد الرؤوف بن تاج العارفين بن علي بن زين العابدين الملقب زين الدين الحدادي ثم المناوي القاهري الشافعي، الإمام الكبير، والحجة الثبت، القدرة، صاحب التصانيف السائرة، وأجلّ أهل عصره من غير ارتياب، وكان إماماً فاضلاً، زاهداً، عابداً، قانتاً لله، خاشعاً له، كثير النفع، وكان متقرباً بحسن العمل، مثابراً على التسبيح والأذكار، صابراً، صادقاً.

وقد جمع من العلوم والمعارف على اختلاف أنواعها وتباين أقسامها ما لم يجتمع في أحد ممن عاصره.

نشأ الإمام المناوي في حجر والده وحفظ القرآن قبل بلوغه، ثم حفظ البهجة وغيرها من متون الشافعية وألفية بن مالك، وألفية السيرة للعراقي، وألفية الحديث له أيضاً، وعرض ذلك على مشايخ عصره في حياة والده، ثم أقبل على الاشتغال فقرأ على والده علوم العربية، وتفقه بالشمس الرملي.

وأخذ التفسير والحديث والأدب عن النور علي بن غانم المقدسي، وحضر دروس الأستاذ محمد البكري في التفسير والتصوف.

وأخذ الحديث عن النجم الغبطي، والشيخ قاسم، والشيخ حمدان الفقيه، والشيخ الطيلاوي، لكن كان أكثر اختصاصه بالشمس الرملي، وبه بره.

وأقبل على التأليف فصنف في غالب العلوم، ثم ولي تدريس المدرسة الصالحية فحسده أهل عصره وكانوا لا يعرفون مزية عنهم، ولما حضر الدرس فيها وَرَدَ عليه من كل مذهب فضلاؤه منتقدين عليه وشرع في إقراء «مختصر المزني» ونصب الجدل في المذاهب وأتى في تقريره بما لم يسمع من غيره فأذعنوا لفضله وصار أجلاء العلماء يبادرون لحضروه.

وأخذ عنه خلق كثير منهم الشيخ سليمان البابلي، والسيد إبراهيم، والطاشكندي، والشيخ علي الأجهوري، والوالي المعتقد أحمد الكلبي وولده الشيخ محمد، وغيرهم، وكان مع ذلك لم يخل من طاعن وحاسد حتى دس عليه السم فتوالى عليه بسبب ذلك نقص في أطرافه وبدنه من كثرة التداوي ولما عجز صار ولده تاج الدين محمد يستملي منه التآليف ويسطرها.

وتآليفه كثيرة منها: «تفسيره على سورة الفاتحة وبعض سورة البقرة»، وشرح على شرح العقائد للسعد التفتازاني سماه «غاية الأماني» لم يكمل، «وشرح على نظم العقائد لابن أبي شريف» و«شرح على الفن الأوّل من كتاب النقابة لجلال السيوطي» وكتاب سماه «إعلام الأعلام بأصول فني المنطق والكلام» وشرح على متن النخبة كبير سماه «نتيجة الفكر» وآخر صغير، وشرح على شرح النخبة سماه «اليواقيت والدرر» وشرح على الجامع الصغير ثن اختصره في أقل من ثلث حجمه وسماه «التيسير» وشرح قطعة من زوائد الجامع الصغير وسماه «مفتاح السعادة بشرح الزيادة» وله كتاب جمع فيه ثلاثين ألف حديث وبين ما فيه من الزيادة على الجامع الكبير وعقب كل حديث ببيان رتبته وسماه «الجامع الأزهر من حديث النبي الأنور».

وكانت ولادته في سنة اثنتين وتسعمائة، وتوفي صبيحة يوم الخميس الثالث والعشرين من صفر سنة إحدى وثلاثين وألف، وصلى عليه بجامع الأزهر يوم الجمعة ودفن بجانب زاويته التي أنشاها بخط المقسم المبارك فيما بين زاويتي الشيخ أحمد الزاهد والشيخ مدين الأشموني، وقيل في تاريخ موته، مات شافعي الزمان، رحمه الله تعالى.

* انظر ترجمته في:

- الأنساب 2/370.

- وفيات الأعيان 4/280، 281و

- سير الأعلام النبلاء 17/162: 177.

- تذكرة الحفاظ 3/1039: 1045.