مثل محقرات الذنوب
 

   عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إياكم ومحقرات الذنوب فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا بطن واد فجاء ذا بعود و جاء ذا بعود حتى حملوا ما أنضجوا به خبزهم و إن محقرات الذنوب متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه".

 

شرح الحديث:

   المراد بالمحقرات أي الذنوب التي يحتقرها فاعلها- وهي الصغائر- ومقصود الحديث الحث على عدم التهاون بالمحقرات ومحاسبة النفس عليها وعدم الغفلة عنها فإن في إهمالها الهلاك، لأن المحقرات إذا كثرت صارت كباراً كما قال ابن بطال –رحمه الله-.

 

من فوائد الحديث:

1-  أن الذنوب تنقسم إلى كبائر وصغائر كما قال الله تعالى:{ إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ }(النساء : 31) وقال:{ الذينَ يَجْتَنِبُونَ كبائرَ الإثْمِ والفَواحِشَ إلاَّ اللَّمَمَ }(النجم: 32) وأصح الأقوال في تعريف الكبيرة: أنها ما ترتب عليها حد في الدنيا أو توعد عليها بالنار أو اللعنة أو الغضب، وألحق بعضهم نفي الإيمان، أو قيل فيه ليس منا أو برئ منه النبي -صلى الله عليه وسلم- وأما الصغيرة، فقيل: الصغيرة ما دون الحد؛ حد الدنيا وحد الآخرة، وقيل: الصغيرة كل ذنب لم يختم بلعنة أو غضب أو نار، وقيل: الصغيرة ما ليس فيه حد في الدنيا ولا وعيد في الآخرة، وهذا أرجح الأقوال، أن الصغيرة ما ليس فيه حد في الدنيا ولا وعيد في الآخرة.

2- الحذر من الذنوب والمعاصي وعدم التهاون في شيء منها، فإن الصغائر إذا كثرت ولم تكفر ، أو أصر عليها صاحبها صارت سبباً في هلاكه وبواره.

3- قال الإمام ابن القيم رحمه الله تعالى:(وللمعاصي من الآثار القبيحة المذمومة المضرة بالقلب والبدن في الدنيا والآخرة ما لا يعلمه إلا الله فمنها حرمان العلم فان العلم نور يقذفه الله في القلب والمعصية تطفئ ذلك النور ...ومنها حرمان الرزق... ومنها وحشة يجدها العاصي في قلبه بينه وبين الله لا يوازنها ولا يقارنها لذة أصلاً ولو اجتمعت له لذات الدنيا بأسرها لم تف بتلك الوحشة وهذا أمر لا يحس به إلا من في قلبه حياة وما لجرح بميت إيلام فلو لم تترك الذنوب إلا حذراً من وقوع تلك الوحشة لكان العاقل حريا بتركها..).

  

·         المصدر: موقع شبكة السنة وعلومها.