المغزى العلمي في دلالة قول الله تعالى: (اقتربت الساعة وانشق القمر‏) (1)
 
 

هذه الآية القرآنية الكريمة جاءت في مطلع سورة القمر‏,‏ وهي سورة مكية‏,‏ يدور محورها حول قضية الإيمان بوحي السماء الذي أنزله ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ علي فترة من الرسل‏,‏ وأتمه وأكمله‏,‏ وحفظه في الوحي الخاتم المنزل علي الرسول الخاتم‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏);‏ ولذلك تحمل السورة علي المكذبين ببعثته الشريفة‏,‏ وبالآيات التي أيده الله‏(‏ تعالي‏)‏ بها‏,‏ وفي مقدمتها القرآن الكريم‏,‏ وذلك انطلاقا من غرورهم‏,‏ وكبرهم‏,‏ وغطرستهم‏,‏ وصلفهم‏,‏ وتتوعدهم الآيات بالشقاء في الدنيا وبالمصير المخزي في الآخرة كما حدث مع الذين كذبوا بالرسالات السابقة‏.‏
وتطالب سورة القمر رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بالإعراض عن هؤلاء الكافرين‏,‏ وإمهالهم إلي يوم البعث العظيم‏,‏ يوم يخرجون من قبورهم كأنهم جراد منتشر‏...‏ وهو يوم الفزع الأكبر‏,‏ والهول الأكبر الذي نسأل الله‏(‏ تعالي‏)‏ أن يجيرنا من فزعه وأهواله‏...‏ اللهم آمين‏.‏

وقد ابتدأت سورة القمر بالتحذير من اقتراب وقت الساعة‏,‏ ومن الثابت عن رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قوله الشريف‏:‏ بعثت أنا والساعة هكذا وأشار بإصبعيه السبابة والوسطي‏.‏
ثم تابعت السورة بذكر تلك المعجزة الحسية ـ معجزة انشقاق القمرـ التي أجراها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ تأييدا لخاتم أنبيائه ورسله في مواجهة تكذيب مشركي قريش لنبوته ولرسالته‏,‏ وعلي الرغم من وقوع المعجزة ـ التي لم ينكرها أحد منهم ـ فإنهم بدلا من أن يؤمنوا بها اتهموا رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ بالسحر‏,‏ وهم الذين لم يشهدوا عليه كذبا أبدا‏,‏ وذلك انطلاقا من كبرهم وعنادهم واتباعهم لأهوائهم‏,‏ ولم تزجرهم عن ذلك الأنباء‏,‏ ولم تغنهم النذر‏...!!‏

ومن قبيل تذكير هؤلاء الكافرين بمصائرهم استعرضت سورة القمر مصارع المكذبين في عدد من الأمم السابقة ومنهم أقوام نوح‏,‏ وعاد‏,‏ وثمود‏,‏ ولوط‏,‏ وفرعون‏,‏ مؤكدة أن كفار قريش لم يكونوا بأقوي ولا بأشد من تلك الأمم السابقة عليهم‏(‏ والخطاب هنا يشمل المتجبرين من الكفار والمشركين في زماننا‏,‏ وفي كل زمان من أمثال الصهاينة المجرمين وإبادتهم المستمرة لشعب فلسطين‏,‏ والأمريكان وأعوانهم من المتجبرين علي شعب أفغانستان وغيره من شعوب العالمين العربي والإسلامي‏,‏ وكل من الروس‏,‏ والهندوس‏,‏ والبوذيين واستباحتهم لأراضي كل من الشيشان‏,‏ وكشمير‏,‏ وأراكان‏,‏ وجنوب الفلبين‏,‏ وغيرهم ممن يستبيح أراضي الصومال‏,‏ والسودان‏,‏ وسبتة ومليلية والجزر المحيطة بهما‏,‏ أو يقوم بمحاصرة العديد من الدول المسلمة مثل العراق‏,‏ وليبيا‏,‏ والسودان‏).‏
وفي نهاية كل خبر من أخبار الأمم البائدة تدعو السورة الكريمة كفار قريش ـ كما تدعو الكفار والمشركين في زماننا وفي كل زمان ومكانـ إلي الاعتبار والتذكر وذلك بقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏
ولقد تركناها آية فهل من مدكر؟
‏(‏القمر‏:15).‏

أو بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏ فكيف كان عذابي ونذر‏(‏ القمر‏:30,21,16).‏
وقد تكررت هذه الآية الكريمة ثلاث مرات في سياق السورة‏.‏

وبين كل خبر من أخبار تلك الأمم الهالكة والذي يليه تنبه سورة القمر إلي حقيقة أن القرآن الكريم ميسر لكل من يطلبه‏,‏ ويطلب العظة والاعتبار منه‏,‏ ولذلك تكرر في ثنايا هذه السورة المباركة أربع مرات قول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏ ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر‏(‏ القمر‏:40,32,22,17).‏
وبعد هذا الاستعراض التاريخي المعجز عاودت سورة القمر توجيه الحديث إلي كفار قريش ـ كما توجهه إلي كفار اليوم وإلي كفار كل يوم حتي قيام الساعةـ محذرة إياهم من مصير كمصائر المكذبين السابقين أو أشد وأنكي‏,‏ في الدنيا قبل الآخرة‏,‏ ومذكرة إياهم بمواقف الذل والمهانة التي سوف يتعرضون لها في الآخرة‏,‏ وفي ذلك يقول الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏):‏

أكفاركم خير من أولائكم أم لكم براءة في الزبر‏,‏ أم يقولون نحن جميع منتصر‏,‏ سيهزم الجمع ويولون الدبر‏,‏ بل الساعة موعدهم والساعة أدهي وأمر‏,‏ إن المجرمين في ضلال وسعر‏,‏ يوم يسحبون في النار علي وجوههم ذوقوا مس سقر‏(‏ القمر‏:43‏ ـ‏48).‏
وبعد تأكيد أن الله‏(‏ تعالي‏)‏ هو خالق كل شيء بتقدير دقيق‏,‏ وحكمة بالغة‏,‏ وأن أمره سبحانه‏(‏ واحدة كلمح بالبصر‏),‏ وأن الاعتبار بهلاك الأمم البائدة من صميم التعقل ومن حسن الاستفادة بدروس التاريخ‏,‏ وأن كل ما فعلته تلك الأمم‏,‏ ويفعله غيرهم من الخلق مدون‏,‏ ومسطر‏,‏ ومسجل عليهم‏,‏ وأنهم سوف يواجهون به‏,‏ ويحاسبون عليه يوم القيامة‏.‏

بعد استعراض ذلك كله ختمت سورة القمر ببيان منازل التكريم التي أعدت للمتقين من عباد الله الصالحين والتي ختمها الحق‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ بقوله‏(‏ عز من قائل‏):‏
(إن المتقين في جنات ونهر‏,‏ في مقعد صدق عند مليك مقتدر)‏(‏ القمر‏:55,54).‏

وجوانب الإعجاز في سورة القمر تشمل إثبات حقيقة انشقاق القمر‏,‏ ومواقف كفار قريش منها‏,‏ ووصف خروج الناس من قبورهم كأنهم جراد منتشر‏,‏ وتشمل الإعجاز التاريخي بذكر عدد من الأمم السابقة‏,‏ وذكر مواقفهم من أنبيائهم ورسلهم‏,‏ ومن وحي الله‏(‏ تعالي‏)‏ إليهم‏,‏ وذكر ما أصابهم من مختلف صور العذاب جزاء استكبارهم وصلفهم‏,‏ وإنكار رسالة السماء إليهم‏,‏ ثم جاءت الكشوف العلمية والأثرية في القرن العشرين مؤكدة صدق كل ما جاء في هذه السورة المباركة‏,‏ وفي غيرها من سور القرآن الكريم عن تلك الأمم البائدة‏.‏
وسوف يتم التركيز هنا علي قضية انشقاق القمر‏,‏ وهي معجزة خارقة‏,‏ لا يكاد العقل البشري أن يتصورها‏,‏ ولكن من رحمة الله بنا أن أبقي لنا في صخور القمر من الشواهد الحسية ما يؤكد وقوعها‏...!!‏ وأعان الإنسان علي الوصول إلي تلك الشواهد حتي تقوم الحجة البالغة علي الناس في عصر العلم والتقنية الذي نعيشه بأن القرآن الكريم هو كلام الله الخالق‏,‏ وأن النبي الخاتم والرسول الخاتم الذي تلقاه كان موصولا بالوحي‏,‏ ومعلما من قبل خالق السماوات والأرض‏,‏ وقبل الحديث عن معجزة انشقاق القمر لابد من استعراض لأقوال عدد من المفسرين في شرح هذه الآية القرآنية الكريمة‏.‏

من أقوال المفسرين
في تفسير قوله تعالي‏:‏ اقتربت الساعة وانشق القمر‏(‏ القمر‏:1).

*‏ ذكر ابن كثير‏(‏ يرحمه الله‏)‏ ما نصه‏:‏ يخبر تعالي عن اقتراب الساعة وفراغ الدنيا وانقضائها‏,‏ كما قال تعالي‏:(‏ أتي أمر الله فلا تستعجلوه‏),‏ وقال‏:(‏ اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون‏),‏ وقد وردت الأحاديث بذلك‏...‏ وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وأنه كان إحدي المعجزات الباهرات‏.‏

‏*‏ وجاء في تفسير الجلالين‏(‏ رحم الله كاتبيه برحمته الواسعة‏)‏ ما نصه‏:(‏ اقتربت الساعة‏)‏ قربت القيامة‏(‏ وانشق القمر‏)‏ انفلق فلقتين علي جبلي أبي قبيس وقعيقعان‏,‏ آية له صلي الله عليه وسلم‏,‏ وقد سئلها‏[‏ أي‏:‏ سأله أهل مكة أن يريهم آية فأراهم انشقاق القمر‏]‏ فقال‏:(‏ اشهدوا‏)‏ رواه الشيخان‏.‏
‏*‏ وذكر صاحب الظلال‏(‏ رحمه الله رحمة واسعة‏)‏ ما نصه‏:‏ مطلع باهر مثير‏,‏ علي حادث كوني كبير‏,‏ وإرهاص بحادث أكبر‏,‏ لا يقاس إليه ذلك الحدث الكوني الكبير‏:‏ اقتربت الساعة وانشق القمر فياله من إرهاص‏!‏ وياله من خبر‏,‏ ولقد رأوا الحدث الأول فلم يبق إلا أن ينتظروا الحدث الأكبر‏;‏ والروايات عن انشقاق القمر ورؤية العرب له في حالة انشقاقه أخبار متواترة‏,‏ تتفق كلها في إثبات وقوع الحادث‏....‏

وبعد استعراض لعدد من الروايات أضاف صاحب الظلال‏(‏ يرحمه الله‏):‏ فهذه روايات متواترة من طرق شتي عن وقوع هذا الحادث‏,‏ وتحديد مكانه في مكة ـ باستثناء رواية لم نذكرها عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه‏,‏ أنه كان في منيـ وتحديد زمانه في عهد النبي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ قبل الهجرة‏,‏ وتحديد هيئته ـ في معظم الروايات أنه انشق فلقتين‏,‏ وفي رواية واحدة أنه كسف‏(‏ أي خسف‏)..‏ فالحادث ثابت من هذه الروايات المتواترة المحددة للمكان والزمان والهيئة‏.‏
وهو حادث واجه به القرآن المشركين في حينه‏,‏ ولم يرو عنهم تكذيب لوقوعه‏,‏ فلابد أن يكون قد وقع فعلا بصورة يتعذر معها التكذيب‏,‏ ولو علي سبيل المراء الذي كانوا يمارونه في الآيات‏,‏ لو وجدوا منفذا للتكذيب‏.‏ وكل ما روي عنهم أنهم قالوا‏:‏ سحرنا‏!‏ ولكنهم هم أنفسهم اختبروا الأمر‏,‏ فعرفوا أنه ليس بسحر‏;‏ فلئن كان قد سحرهم فإنه لا يسحر المسافرين خارج مكة الذين رأوا الحادث وشهدوا به حين سئلوا عنه‏.‏

وأضاف‏(‏ يرحمه الله‏):‏ بقيت لنا كلمة في الرواية التي تقول‏:‏ إن المشركين سألوا النبي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ آية‏,‏ فانشق القمر‏.‏ فإن هذه الرواية تصطدم مع مفهوم نص قرآني مدلوله أن الرسول‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ لم يرسل بخوارق من نوع الخوارق التي جاءت مع الرسل قبله‏,‏ لسبب معين‏:‏ وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون‏...‏ فمفهوم هذه الآية أن حكمة الله اقتضت منع الآيات ـ أي الخوارق ـ لما كان من تكذيب الأولين بها‏...‏ فالقول بأن انشقاق القمر كان استجابة لطلب المشركين آية ـ أي خارقةـ يبدو بعيدا عن مفهوم النصوص القرآنية‏,‏ وعن اتجاه هذه الرسالة الأخيرة إلي مخاطبة القلب البشري بالقرآن وحده‏,‏ وما فيه من إعجاز ظاهر‏,‏ ثم توجيه هذا القلب ـ عن طريق القرآن ـ إلي آيات الله القائمة في الأنفس والآفاق‏,‏ وفي أحداث التاريخ سواء‏...‏ فأما ما وقع فعلا للرسول‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ من خوارق شهدت بها روايات صحيحة فكان إكراما من الله لعبده‏,‏ لا دليلا لإثبات رسالته‏...‏ ومن ثم نثبت الحادث ـ حادث انشقاق القمر ـ بالنص القرآني وبالروايات المتواترة التي تحدد مكان الحادث وزمانه وهيئته‏,‏ ونتوقف في تعليله الذي ذكرته بعض الروايات‏,‏ ونكتفي بإشارة القرآن إليه مع الإشارة إلي اقتراب الساعة‏,‏ باعتبار هذه الإشارة لمسة للقلب البشري ليستيقظ ويستجيب‏....‏

‏*‏ وجاء في صفوة البيان لمعاني القرآن‏(‏ رحم الله كاتبه رحمة واسعة‏)‏ ما نصه‏:(‏ اقتربت الساعة‏)‏ قربت القيامة جدا‏.(‏ وانشق القمر‏)‏ وانفلق فلقتين معجزة له صلي الله عليه وسلم وهو بمكة قبل الهجرة بنحو خمس سنين‏,‏ حين سأله أهل مكة أن يريهم آية تدل علي صدقه‏,‏ فأراهم القمر فلقتين حتي رأوا جبل حراء بينهما‏,‏ فقال صلي الله عليه وسلم‏:‏ اشهدوا‏!!‏ وقد رآه كثير من الناس‏;‏ والأحاديث الصحيحة في هذه المعجزة كثيرة‏.‏ وقيل‏:‏ اقتربت الساعة‏,‏ فإذا جاءت انشق القمر بعد النفخة الثانية‏.‏
‏*‏ وذكر أصحاب المنتخب في تفسير القرآن الكريم‏(‏ جزاهم الله خيرا‏)‏ ما نصه‏:‏ دنت القيامة وسينشق القمر لا محالة‏.‏

‏*‏ وجاء في صفوة التفاسير‏(‏ جزي الله كاتبها خيرا‏)‏ ما نصه‏:...‏ أي دنت القيامة وقد انشق القمر‏.‏

واقعة انشقاق القمر في التراث الإسلامي
رويت واقعة انشقاق القمر عن طريق عدد كبير من صحابة رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ منهم عبدالله بن مسعود‏,‏ وعبدالله بن عباس‏,‏ وعبدالله بن عمر‏,‏ وأنس بن مالك‏,‏ وجبير بن مطعم وغيرهم‏(‏ رضي الله تبارك وتعالي عنا وعنهم أجمعين‏).‏
‏*‏ فقد روي الإمام البخاري في صحيحه وأخرج الإمام أحمد في مسنده‏,‏ وروي كل من الإمامين أبي داود والبيهقي عن عبدالله بن مسعود‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ قوله‏:‏ انشق القمر علي عهد رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ فقالت قريش‏:‏ هذا سحر بن أبي كبشة‏,‏ قال‏:‏ فقالوا‏:‏ انظروا ما يأتيكم به السفار‏,‏ فإن محمدا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم‏,‏ قال‏:‏ فجاء السفار فقالوا ذلك‏.‏ وفي لفظ انظروا السفار‏,‏ فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق‏,‏ وإن كانوا لم يروا مثل ما رأيتم فهو سحر سحركم به‏,‏ قال‏:‏ فسئل السفار‏,‏ قال‏:‏ وقدموا من كل جهة‏,‏ فقالوا‏:‏ رأينا‏,‏ فأنزل الله عز وجل‏:(‏ اقتربت الساعة وانشق القمر‏).‏ وروي عنه أيضا قوله‏:‏ انشق القمر علي عهد رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ فرقتين‏:‏ فرقة فوق الجبل‏,‏ وفرقة دونه‏,‏ فقال رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏ اشهدوا‏.‏

‏*‏ كذلك روي كل من الإمامين البخاري وأحمد عن أنس بن مالك‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ أنه قال‏:‏ إن أهل مكة سألوا رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ أن يريهم آية‏,‏ فأراهم انشقاق القمر‏.‏
‏*‏ وروي الإمام البيهقي‏,‏ كما أخرج كل من الأئمة البخاري ومسلم والترمذي‏(‏ جزاهم الله خيرا‏)‏ عن عبدالله بن عمر‏(‏ رضي الله عنهما‏)‏ قوله‏:...‏ وقد كان ذلك علي عهد رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ انشق فلقتين‏,‏ فلقة من دون الجبل‏,‏ وفلقة من خلف الجبل‏,‏ فقال النبي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏):‏ اللهم اشهد‏.‏

‏*‏ وروي كل من الإمامين البخاري ومسلم‏(‏ رحمهما الله‏)‏ عن عبدالله بن عباس‏(‏ رضي الله عنهما‏)‏ قوله‏:‏ انشق القمر في زمان النبي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏ كذلك روي ابن جرير عن ابن عباس قوله‏:...‏ قد مضي ذلك‏,‏ كان قبل الهجرة‏,‏ انشق القمر حتي رأوا شقيه‏.‏
‏*‏ وروي الإمام أحمد عن جبير بن مطعم‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ قوله‏:‏ انشق القمر علي عهد رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ فصار فرقتين فرقة علي هذا الجبل‏,‏ وفرقة علي هذا الجبل‏,‏ فقالوا‏:‏ سحرنا محمد‏,‏ وقال غيرهم‏:‏ إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم‏.‏

‏*‏ وروي الإمام ليث عن مجاهد‏(‏ رضي الله عنه‏)‏ قوله‏:‏ انشق القمر علي عهد رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ فصار فرقتين‏,‏ فقال النبي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ لأبي بكر‏(‏ رضي الله عنه‏):‏ اشهد يا أبا بكر‏,‏ فقال الكافرون‏:‏ سحر القمر حتي انشق‏.‏
‏*‏ وفي إحدي المخطوطات الهندية القديمة والمحفوظة في مكتبة المركز الهندي بمدينة لندن‏(‏ تحت رقم‏152/2807‏ ـ‏173)‏ ذكر المفكر الإسلامي الكبير الأستاذ الدكتور محمد حميد الله في كتابه المعنون محمد رسول الله أن أحد ملوك ماليبار‏(‏ وهي إحدي مقاطعات جنوب غربي الهند‏)‏ وكان اسمه شاكرواتي فارماس‏(
ChakarawatiFarmas)‏ شاهد انشقاق القمر علي عهد رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ وأخذ يحدث الناس بذلك‏.‏

وحدث أن مر عدد من التجار المسلمين بولاية ماليبار‏,‏ وهم في طريقهم إلي الصين‏,‏ وسمعوا حديث الملك شاكرواتي فارماس عن انشقاق القمر فأخبروه أنهم أيضا قد رأوا ذلك‏,‏ وأفهموه أن انشقاق القمر معجزة أجراها ربنا‏(‏ تبارك وتعالي‏)‏ تأييدا لخاتم أنبيائه ورسله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏)‏ في مواجهة تكذيب مشركي قريش لنبوته ولرسالته‏.‏ فأمر الملك بتنصيب ابنه وولي عهده قائما بأعمال مملكة ماليبار وتوجه إلي الجزيرة العربية لمقابلة المصطفي‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏).‏ وبالفعل وصل الملك الماليباري إلي مكة المكرمة وأعلن إسلامه أمام رسول الله‏(‏ صلي الله عليه وسلم‏),‏ وتعلم ركائز الدين الأساسية‏,‏ وأفل راجعا‏,‏ ولكن شاءت إرادة الله‏(‏ تعالي‏)‏ أن ينتهي أجله قبل مغادرته أرض الجزيرة العربية فمات ودفن في أرض ظفار‏,‏ وحين وصل الخبر إلي ماليبار كان ذلك حافزا لدخول أهلها الإسلام زرافات ووحدانا‏.‏

شاهد من عصرنا علي انشقاق القمر

يتبع....

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم