حرمة الكذب بقصد الفكاهة
 

عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده – رضي الله عنهم- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ويلٌ للذي يحدِّث فيكذب ليُضحك به القوم، ويلٌ له، ثم ويلٌ له!» أخرجه الثلاثة، وإسناده قوي.

* درجة الحديث:

الحديث حسن.

قال المناوي: رواه أحمد وأبو داود والترمذي والحاكم من حديث معاوية بن حيدة، وقد حسنه الترمذي وقواه المنذري وابن حجر.

وقال المؤلف: رواه الثلاثة وإسناده قوي.

* مفردات الحديث:

ويل: الويل: الهلاك، وقيل: واد في جهنم.

* ما يؤخذ من الحديث:

1- الحديث فيه الوعيد بالهلاك لمن يحدِّث الناس فيكذب عليهم، وذلك ليضحكهم ويفكههم بأكاذيبه وأقواله الباطلة.

2- جاء تحريم الكذب في نصوص كثيرة من الكتاب والسنة، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ﴾، وقال تعالى: ﴿مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾، وجاء في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً منها: وإذا حدَّث كذب».

وجاء في الصحيحين من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الكذب يهدي إلى الفجور، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً».

3- قال النووي: اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرماً فيجوز في بعض الأحوال:

- كل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه.

- وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب.

- ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحاً كان الكذب مباحاً.

- وإن كان واجباً كان الكذب واجباً، فإذا اختفى مسلم من ظالم يريد قتله أو أخذ ماله وسئل إنسان عنه وجب الكذب بإخفائه، ومثله الوديعة المخفاة عن ظالم، والأحوط التورية، ومعناها أن يقصد بعبارته مقصوداً صحيحاً ليس هو كاذباً بالنسبة إليه وإن كان كاذباً في ظاهر اللفظ وبالنسبة إلى ما يفهمه المخاطَب.

والدليل على ذلك ما جاء في الصحيحين عن أم كلثوم أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمي خيراً أو يقول خيراً».

ورواية مسلم عنها قالت: لم أسمعه يرخّص في الكذب إلا في ثلاث: «في الحرب، والإصلاح بين الناس، وحديث الرجل امرأته، وحديث المرأة زوجها».

قال عياض: لا خلاف في جواز الكذب في هذه الأمور الثلاثة.

* أهم المصادر والمراجع:

- صحيح البخاري: الإمام البخاري.

- فتح الباري شرح صحيح البخاري: الإمام ابن حجر العسقلاني.

- توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام: الشيخ عبدالله البسام.

- الآداب الشرعية: الإمام محمد بن مفلح.