جمال المنطق والبعد عن الفحش خلق نبوي
 

عن أبي الدرداء - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنَّ الله يبغض الفاحش البذيءَ» أخرجه الترمذيُّ وصحَّحه، وله من حديث ابنِ مسعودٍ رفعه « ليس المؤمنُ بالطَّعَّانِ، ولا اللَّعَّانِ، ولا الفاحشِ، ولا البذيءِ» وحسَّنه، وصحَّحه الحاكم، ورجَّحَ الدَّارقطنيُّ وقفه.

* درجة الحديث:

الحديث صحيح، لكن اختلف في رفعه ووقفه، ورُجّح وقفه.

قال المؤلف: أخرجه الترمذي وصححه، وله شاهد من حديث ابن مسعود يرفعه « ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء» وحسنه الترمذي وصححه الحاكم، ولكن رجَّح الدارقطني وقفه.

قال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تعليقه على رياض الصالحين: أخرجه البخاري في الأدب المفرد وإسناده صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم، ووافقه الذهبي.

وقال العراقي: أخرجه الترمذي بإسناد صحيح من حديث ابن مسعود وروي موقوفاً، قال الدار قطني: والموقوف أصح.

وهو وإن كان موقوفاً لكن له حكم الرفع حيث هو إخبار عن الله تعالى وهذا لا مدخل للرأي فيه.

* مفردات الحديث:

الفاحش: الفحش: هو القبح الشنيع من قول أو فعل، فالفاحش هو الذي يأتي الفاحشة من قول أو فعل.

البذيء: البذيء وزن فعيل، من البذاء وهو الكلام القبيح.

الطعّان: الطعن هو السب، والطعان: صيغة مبالغة معناه: كثير السب للناس.

اللعّان: صيغة مبالغة من اللعن، معناه: كثير اللعن للناس.

 

* ما يؤخذ من الحديث:

1-الحديث فيه النهي الأكيد عن هذه الخصال القبيحة، وأنها ليست من صفات المؤمن الكامل الذي يمنعه إيمانه من المنكرات وفاحش القول وبذيء الكلام، وإنما هذه صفات وأخلاق ضعفاء الإيمان وسيّئي الأخلاق ممن لم يذوقوا حلاوة الإيمان ولم تخالط بشاشته قلوبهم.

2- إن الله يبغض الفاحش في قوله ممن فاه بفاحش القول من السب والشتم واللعن والقذف والكذب وجميع الألفاظ النابية المحرمة.

3- البذيء: صاحب منطق السوء وقبيح اللفظ ممن يؤذي بهجره وسفاهة منطقه، فلا يخاطب الناس إلا باللفظ المستكره، ولا يناديهم إلا بالألقاب المستقبحة، ولا يشافههم إلا بخشن الكلام، فهذا مكروه يبغضه الله تعالى كما يبغضه خلقه في السموات والأرض.

4- أما الطعّان: فهو الذي يطعن الناس في أعراضهم وأنسابهم، ويعيبهم في أقوالهم وأفعالهم، ويوجه إليهم انتقاده المُرّ الذي لم يقصد به التوجيه، وإنما يقصد به إظهار العيب والفضيحة.

5- وأما اللعّان فهو كثير اللعن والشتم بسبب وبدون سبب، وإنما اللعن والشتم سجية قبيحة طبع على أصلها ونمت عنده وزادت من إهماله تهذيب نفسه وتزكيتها.

6- وبالجملة فليست هذه الأخلاق من أخلاق مَن نوَّر الإيمان بالله تعالى قلوبهم، وزينت التقوى سمتهم، وعدّلت العبادة سلوكهم، وهذّب الذكر ألسنتهم، وإنما هي أخلاق السفلة من الفسقة والمنافقين.

نسأل الله العافية والمعافاة في الدنيا والآخرة.

* * *

* أهم المصادر والمراجع:

- سنن الترمذي: الإمام محمد بن عيسى الترمذي.

- توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام: الشيخ عبدالله البسام.

- الآداب الشرعية: الإمام محمد بن مفلح.

- أخلاق المسلم: د. وهبة الزحيلي.