الشبهة: رد أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بدعوى تكفير الصحابة
 

لقد ضلت بعض فرق الأهواء والبدع وغلت في ضلالتها حتى قالت بتكفير الصحابة رضوان الله عليهم، وكان نتيجة هذا التكفير رد السنة النبوية التي جاءتنا عن طريقهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقد قال بهذا القول المنكر أعني تكفير الصحابة طوائف من غلاة الشيعة كالجارودية([1]) والكاملية([2]) والإمامية الغلاة([3]) وغيرهم من أهل الفرق والأهواء والضلالات. وإن تكفير الصحابة يلزم منه رد السنة الواردة عن طريقهم كلها، إذ لا يبقى طريقٌ لنقل السنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا.

وهذه شبهة واهية ولكن نذكرها لبيان خطورة عقيدة أمثال هذه الفرق وما تجره على المسلم من لوازم فاسدة في العقيدة والدين.

* جواب الشبهة:

جواب هذه الشبهة من وجوه:

·  الإجماع على إيمان الصحابة وعدالتهم: قال الإمام البغدادي رحمه الله: (أجمع أهل السنة على إيمان المهاجرين والأنصار من الصحابة، هذا خلاف قول من زعم من الرافضة أن الصحابة كفرت بتركها بيعة علي، وخلاف قول الكاملية في تكفير علي بتركه قتالهم).([4])

·  إن تكفير الصحابة هدمٌ للدين: إن شبهة القوم بتكفير الصحابة خطر عظيم في الدين، وهم  يجرون على من ينخدع وراء سرابهم وتسترهم بالتشيع وحب آل البيت - وآل البيت من مثل هذا الحب برآء –  فساداً في الدين وطعناً في العقيدة كلها.

قال الشهرستاني رحمه الله: (إن الإمامية تخطت عن هذه الدرجة إلى الوقيعة في كبار الصحابة طعناً وتكفيراً وأقله ظلماً وعدواناً وقد شهدت نصوص القرآن على عدالتهم والرضا عن جملتهم).([5])

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (و لهذا ما زال أهل العلم يقولون إن الرفض من إحداث الزنادقة الملاحدة الذين قصدوا إفساد الدين دين الإسلام، و يأبى الله إلا أن يتم نوره و لو كره الكافرون، فإن منتهى أمرهم تكفير علي و أهل بيته بعد أن كفروا الصحابة و الجمهور)([6])، فهذه الشبهة أو الافتراء حقيقتها هدم الدين لا مجرد نسبةِ أفرادٍ إلى الكفر، وهذا دليل على بطلان هذه الدعوى لفساد لازمها.

·  إن فضل الصحابة وسابقتهم وخيريتهم وتقدمهم على سائر الأمة من المعلوم من الدين بالضرورة، فضلاً عن أن يُنظر في إسلامهم وكفرهم رضوان الله عليهم أجمعين: وإن الأمة مجمعة على أن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حق، وأنها حجة على الخلق، فلا بد أن يكون طريق وصولها إلينا طريقاً موثوقاً لا يتطرق إليه الريبة والشك، فليتنبه الغافل وليرعوي المفتري عن مثل هذا الهذيان.

·    وأما بالنسبة للرد التفصيلي على هذه الشبهة فقد تقدم في مبحث الأدلة الشرعية على عدالة الصحابة رضوان الله عليهم.

 

  • المصدر:

كتاب حجية الصحابة في أصول الدين: د. وسيم فتح الله



([1] ) الجارودية: من الزيدية، أتباع المعروف بأبي الجارود وقد زعموا أن النبي صلى الله عليه وسلم  نص على إمامة على بالوصف دون الاسم، وزعموا أيضاً أن الصحابة كفروا بتركهم بيعة على.  (الفرق بين الفرق – 1/22).

([2] ) الكاملية: من فرق الإمامية الرافضة، وهؤلاء أتباع رجل من الرافضة كان يعرف بأبي كامل وكان يزعم أن الصحابة كفروا بتركهم بيعة على وكفر على بتركه قتالهم وكان يلزمه قتالهم كما لزمه  قتال أصحاب صفين. (الفرق بين الفرق – 1/39).

([3] ) الإمامية: هم القائلون بإمامة علي رضي الله عنه بعد النبي عليه الصلاة والسلام نصاً ظاهراً وتعييناً صادقاً من غير تعريض بالوصف بل إشارة إليه بالعين، وقد غلوا حتى كفروا الصحابة رضوان الله عليهم. (الملل والنحل – 1/162).

([4] ) الفرق بين الفرق – البغدادي – 1/352-353.

([5] ) الملل والنحل – الشهرستاني – 1/164.

([6] ) منهاج السنة النبوية – ابن تيمية – 7/409.