مباسطته صلى الله عليه وسلم لجلسائه واتساعه لهم
 

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبسُط بساطَ الانطلاق الشرعيِّ المباح: القال والحال، دون أن يقبضهم بحاله، أو يكبِتهم بقاله، فإذا تحدَّثوا بأمرٍ شاركهم في حديثهم ما لم يكن إثماُ:

فعن خارجة بن زيد أن نفراً دخلوا على أبيه زيد بن ثابت رضي الله عنه فقالوا: حدِّثنا ببعض حديثِ النبي صلى الله عليه وسلم.

فقال: «وما أُحدثكم؟! كنتُ جارَه صلى الله عليه وسلم، فكان إذا نزل عليه الوحي؛ فكنا إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا، كلُّ هذا أُحدثكم عنه صلى الله عليه وسلم».

وروى الإمام أحمد عن جابر بن سَمُرَة رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلَ الصمت، قليلَ الضَّحِكِ، وكان أصحابه يذكرون عنده الشعر وأشياء من أمورهم- في الجاهلية- فيضحكون، وربما تبسَّمَ معهم».

وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متخرَّقين- أي: متقبِّضين- ولا متماوتين، وكانوا يتناشدون الشعر في مجالسهم، ويذكرون أمر جاهليتهم، وإذا أُريد أحد منهم على شيء من أمر الله تعالى دارت حماليق عينيه كأنه مجنون.

وفي (النهاية): لم يكن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متخرِّقين- أي: متقبِّضين ومجتمعين-ولا متماوتين.

يقال: تماوت الرجل، إذا اظهر من نفسه التخافت والتضاعف من العبادة والزهد والصوم

والمراد: أنهم ما كانوا منكمشين على نفوسهم ومنقبضين، بل كانوا منبسطين ومنطلقين.

وروى مسلم عن سِماك بن حرب قال: قلت لجابر بن سمرة رضي الله عنه: أَكنتَ تجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم؟

فقال جابر: (نعم كثيراً، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقوم من مصلَّاه الذي يصلي فيه الصبح حتى تطلُع الشمس، فإذا طلعتْ قام، وكانوا يتحدَّثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون، ويتبسَّم صلى الله عليه وسلم).

 

  • أهم المصادر والمراجع:

-          سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام (شمائله المحمدية وخصاله المجيدة): الشيخ عبدالله سراج الدين.

-          الشمائل المحمدية: د. مصطفى البغا.