من آداب دخول الخلاء
 

عَنْ أنسٍ- رضي الله عنه- قال: «كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا دخلَ الخلاءَ قال: اللهمَّ إنِّي أعوذُ بك من الخبثِ والخبائثِ» أخرجه السَّبعةُ.

 

مفردات الحديث:

أعوذ: يقال عذت به عوذاً وعياذاً ومعاذاً، لجأت إليه، والمعاذ يسمّى به المصدر والمكان والزمان، ومعنى أعوذ به: أعتصم به والتجئ إليه.

الخبث: بضم الباء جمع خبيث وبسكون الباء على الراجح من قولي أهل اللغة ويراد به الشر.

الخبائث: جمع خبيثة، أهل الشر وهم الشياطين. قال ابن الأعرابي: أصل الخبث في كلام العرب المكروه، فإن كان من الكلام فهو الشتم، وإن كان من المِلل فهو الكفر، وإن كان من الطعام فهو الحرام، وإن كان من الشراب فهو الضار.

 

ما يؤخذ من الحديث:

1-قوله «إذا دخل الخلاء» المراد أراد دخوله كقوله تعالى: ﴿فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ﴾ [النحل:98] يعني إذا أردت قراءته، وجاء في الأدب المفرد للبخاري عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يدخل الخلاء قال: «اللهم إني أعوذ بك من الخبث والخبائث».

2- هذه الاستعاذة ليحصن بها المسلم نفسه من محاولة الشيطان إيذاءه وتنجيسه، حتى لا تصح عبادته، فما دام النبي صلى الله عليه وسلم المؤيد بعصمة الله يخاف من الشر وأهله، فالجدير بنا أن يكون خوفنا أشد.

3- إن الأمكنة النجسة والقذرة هي أماكن الشياطين التي تأوي إليها وتقيم فيها.

4- الالتجاء إلى الله تعالى والاعتصام به من الشياطين وشرورهم، فهو المنجي منهم، والعاصم من شرّهم.

5- وجوب اجتناب النجاسات، وعمل الأسباب التي تقي منها، فقد صحّ في الأحاديث الشريفة أن من أسباب عذاب القبر عدم التنزّه من البول.

6- فضيلة هذا الدعاء والذكر في هذا المكان، فكل وقت ومكان له ذكر خاص والذي يلازم عليها يكون من الذاكرين الله كثيراً والذاكرات.

7- قال ابن القيم: الدعاء بلفظ- اللهم- يعني يا الله، وهو سؤال الله بجميع أسمائه وصفاته، فهو دعاء بالأسماء الحسنى والصفات العلى. وقال الحسن: اللهم- مجمع الدعاء.

8- الأمكنة الطيبة كالمساجد يشرع عندها أذكار وأدعية تناسب ما يرجى فيها من رحمة الله وفضله، والأمكنة الخبيثة كالحشوش يناسب دخولها أذكار بالبعد عما فيها من خبائث الجن ومردة الشياطين.

9- المكنة الطيبة مأوى الملائكة الكرام البررة والأمكنة الخبيثة مأوى الشياطين، قال تعالى: ﴿الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ﴾ [النور:26] فكل فيه ما يناسبه.

10- فيه إثبات وجود الجن والشياطين، فإنكارهم ضلال وكفر، لأنه رد لصريح النصوص الصحيحة، وهو نقص في العقل، وضيق في التفكير، فإن الإنسان لا ينكِر ما لم يصل إليه علمه، وإنما- إذا كان لا يؤمن بالوحي- يتوقف، فإن اكتشاف المجهولات يطالعنا كل وقت بجديد: ﴿وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إلَّا قَلِيلاً﴾ [الإسراء:85].

* * *

 

  • أهم المصادر والمراجع:

-   توضيح الأحكام شرح بلوغ المرام: الشيخ عبدالله البسام.

- فتح الباري شرح صحيح البخاري: ابن حجر العسقلاني.