شبهة: الزيادة في بعض سور القرآن
 
 


إن في المصحف ما ليس بقرآن. ويمثلون على ذلك بفاتحة الكتاب والمعوذتين، وحجتهم في ذلك أن الصحابي عبد الله بن مسعود أسقطها من مصحفه، ومن ثم أنكرها كقرآن.
رد هذه الشبهة:
أولاً: يرد عليهم بعدم صحة النقل, فإن ما نسب إلى ابن مسعود غير صحيح، بل ومخالف لإجماع الأمة. ولا يعقل، بل يستحيل أن يحصل إنكار مثل هذا من صحابي جليل كعبد الله بن مسعود صاحب رسول الله عليه الصلاة والسلام
الذي كان لا يفارقه، وشهد كثيراً من نزول الوحي، وهو الذي عاصر نزول الوحي في معظمه، وهو الأعلم من غيره بما هو قرآن، وما هو ليس بقرآن. وهو الصحابي الجليل الذي عرف عنه تقواه، وشدة غيرته على دينه، وعلى قرآنه، وبذلك فالعقلية السليمة تقتضي بطلان ما نقل عن ابن مسعود في هذا الشأن.
قال الإمام النووي ((أجمع المسلمون على أن المعوذتين، والفاتحة من القرآن، وأن مَن جحد شيئاً منها كفر، وما نقل عن ابن مسعود باطل ليس بصحيح)).
 وأخرج الإمام مسلم في صحيحه أنه
عليه الصلاة والسلام قرأهما في الصلاة.
وقد صحّ عند العلماء عن ابن مسعود نفسه قراءة عاصم، وفيها المعوذتان والفاتحة. وكذلك قرأ المعوذتين حمزة، والكسائي، وجميع القراء .
ثانياً: احتمال أن إنكار ابن مسعود كان قبل علمه بأنهما من القرآن. وبعد أن علم أنهما من القرآن آمن بهما، وأخذ بهما، وتمسك بهما. قال بعض العلماء: ((يحتمل أن ابن مسعود لم يسمع المعوذتين من النبي عليه الصلاة والسلام
ولم تتواتر عنده، فتوقف في أمرهما، وإنما لم ينكر ذلك عليه، لأنه بصدد البحث، والنظر، والواجب عليه التثبت في هذا الأمر)).
ثالثاً: عدم صحة النقل عن ابن مسعود بأنه أنكر قرآنية الفاتحة.

وحاشا أن تكون الفاتحة قد خفيت عليه، وهي أم القرآن، والسبع المثاني، ومثلها مستحيل أن يخفى على ابن مسعود. وكذلك لو صح
فإن هذا لا ينقض قرآنيتهما، وتواترهما، ولا يرفع العلم اليقيني بقرآنية ما صح قرآنيته، وليس من شروط ( تواتر القرآن، والعلم اليقيني بثبوته ) ألا يخالفه مخالف حتى ولو كان من الصحابة، وإلا لأمكن هدم كل تواتر، وإبطال كل علم يقيني قام عليه.
* أهم المصادر والمراجع:

- المجموع شرح المهذب: للإمام النووي.

- صحيح مسلم: الإمام مسلم.

- مناهل العرفان: لمحمد الزرقاني.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم