آداب حامل القرآن الكريم ومُعَلِّمِه
 
 

1- أن يبتغي بعمله مرضاة الله، فيخلص لله في عمله، فلا يُعلِّم القرآن لأجل مغنمٍ دنيوي أو مكسب معنوي، بل عليه أن يكون زاهداً بما في أيدي الناس، عفيف النفس، واسع الخلق، طلْق الوجه، صابراً ومحتسباً أجره عند الله، مستحضراً قوله تعالى: ﴿وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الشعراء:109] . 

2 - ينبغي لحامل لواء القرآن أن يكون على أكمل الأحوال وأن يتحلى بأكرم الشمائل وأجمل الأوصاف، وأن يكون شعاره قول عائشة رضي الله عنها في رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم: «كان خُلُقُه القرآن»..«كان قرآناً يمشي على الأرض ».

3- على المُعلِّم أن يحذر كل الحذر من الحسد والرياء والعجب بالنفس واحتقار الغير، بل عليه أن يكون ناصحاً مرشداً رفيقاً بمن يعلمه، معتنياً بمصالحه، وأن يحب له ما يحبه لنفسه وولده. ولا ينبغي للمعلم أن يكون عنيفاً أو متساهلاً في تعليمه، بل مقتصداً في أمره، خشية أن ينفِّر من هو بين يديه، وخاصة إذا كانوا ناشئة في العلم، وفي الحديث المتفق على صحته، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « إن الله يحب الرفق في الأمر كله، ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف». وفي رواية لمسلم: «إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه ولا يُنزع من شيء إلا شانه ».

4- ينبغي على حامل القرآن أن يتقِ الله تعالى حق تقاته، وأن يترفع عن كل ما نهى الله تعالى عنه وأن يمتثل ويطبق كل ما أمره الله تعالى به، وكل ذلك إجلالاً للقرآن الكريم الذي أكرمه الله تعالى به، فأهل القرآن هم أهل الله وخاصته.. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لله أهلين من الناس». قيل من هم يا رسول الله؟ قال: «أهل القرآن هم أهل الله وخاصته». رواه أحمد وابن ماجه.

 

5- ينبغي على حامل القرآن أن يكون عزيز النفس شريفاً، وأن يصون نفسه عن دنيء الاكتساب فلا يَتكسَّب إلا من حلال ولا ينفق إلا في حلال.. يتعاهد نفسه ويحاسبها على كل صغيرة وكبيرة، فهو القدوة في أعين الناس.. وعن الفضيل بن عياض قال: [ينبغي لحامل القرآن حامل راية الإسلام لا ينبغي أن يلهو مع من يلهو ولا يسهو مع من يسهو ولا يلغو مع من يلغو تعظيماً لحق القرآن].. فواجب على حامل لواء القرآن الكريم أن يبتعد عن مواطن التهمة والريبة، وألَّا يتواجد إلا حيث يحب ربنا ويرضى.

 

6- أن يقوم بأداء واجبه تجاه هذا القرآن الكريم الذي أكرمه الله تعالى بأن يَسَّر له تلاوته مُجَوَّداً وحفظه أو فهمه وتفسيره أو العمل به.. ويكون ذلك بأن يُعَلّم الناس مما تَعَلّم: تلاوةً أو تفسيراً أو غير ذلك، فهذه زكاة العلم والنعمة التي أكرمه الله بها.. وقد قالوا العلم يزكو بالإنفاق، وبذلك يكون أجره عظيماً وثوابه مضاعفاً، وذلك لأمرين:

أحدهما: أنه قام بواجبه تجاه هذا القرآن الكريم.. وحَصَّل أجر ذلك.

ثانيهما: أنه حَصَّل ثواب امتثال قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خَيْرُكم مِن تَعَلّم القرآن وعَلَّمَه». رواه البخاري.

 

7- على معلم القرآن أن يكون قدوة للمتعلم في سلوكه كله، من احترام للوقت، والعدل بين المتعلمين، فلا يُفضِّل أحداً على أحد، إلا لمصلحة تتطلب ذلك، ولا يخاطب أحداً بعينه ويعرض عن غيره، بل يكون معتدلاً في كل ذلك حتى في نظراته، فهو يعلِّم كلام الله، فليراعِ أمر الله القائل في كتابه: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِله﴾ [النساء:135] وعليه أن يصون يديه حال الإقراء عن العبث، وعينيه عن النظر فيما لا حاجة له إليه. وليرعَ الأمانة التي حُمِّلها، وهي أمانة هذا الكتاب، وليتحلَّ بأوصاف أهل القرآن، الذين هم أهل الله وخاصته، ففي ذلك كله فلاح له إن شاء الله.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم