أهمية معرفة أسباب النزول
 
 

لمعرفة أسباب نزول القرآن أهمية كبرى في تجلية معانيها , والوقوف على حقيقة تفسيرها , فربَّ آية من القرآن يعطي ظاهرها دلالات غير مقصودة منها , فإذا اطلعنا على سبب نزولها ظهر لنا المعنى الحقيقي المراد منها .

فمن ذلك قوله تعالى :

{ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(115) } البقرة

فالمتبادر من ظاهرها أن الاتجاه في الصلاة إلى كل الجهات سواء . ولكننا إذا وقفنا على سبب النزول لهذه الآية رأينا أنها لا تحمل هذه الدلالة المطلقة .

وسببها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فأصابتهم ظلمة , فلم يعرفوا القبلة , فاتجه كلٌّ منهم ناحية حسب ظنه واجتهاده , فلما قفلوا عائدين سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فسكت , فأنزل الله نعالى { وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ(115) } البقرة

لذلك فإن معرفة أسباب النزول والوقائع التي بني عليها ورود النص أو ترتب عليها وقوع الحدث له

أثر كبير في دراسة تلك النصوص ومعرفة حقيقتها من عدة وجوه :

أولاً ـ من خلال أسباب النزول يمكن معرفة المعنى المراد , لما هو معلوم من الارتباط بين السبب والمسبب .

ثانياً ـ يمكن معرفة وجه الحكمة التي ينطوي عليها تشريع الحكم مما يكون أدعى لتفهمه وتقبله .

ثالثاً ـ إزالة الإشكال عن ظاهر النص : ومثال ذلك أنه أشكل على مروان بن الحكم معنى قوله تعالى { لَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَوا وَيُحِبُّونَ أَنْ يُحْمَدُوا بِمَا لَمْ يَفْعَلُوا فَلَا تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِنْ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(188) } آل عمران

وقال لئن كان كل امرئ فرح بما أوتيَ وأحب أن يحمد بما لم يفعل معذباً , لتعذبن أجمعون ؟

فبين له ابن عباس أن الآية نزلت في أهل الكتاب حين سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه إياه وأخبروه بغيره , وأروه أنهم أخبروه بما سألهم عنه .

 

المراجع

أسباب النزول للواحدي

التفسير وعلوم القرآن الدكتور نور الدين العتر

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم