متابعة
لمقال تقدم حول الألفاظ المتعددة المعاني في القرآن، نقف في هذا المقال عند لفظ (
السوء ) لنرى المعاني المتعددة والمختلفة التي يفيدها هذا اللفظ، باختلاف ضبط حركة
السين فيه، ووفق اختلاف السياق الذي سِيق فيه .
في القواميس اللغوية نقرأ حول هذه المادة ما يلي:
( السَّوء ) بفتح السين: مصدر ساءَه يسوُءه سَوْءًا، فعل به ما يكره، وهو نقيض
سرَّه، فهو مصدر، وغلب عليه أن يضاف إليه ما يراد ذمُّه، تقول: هذا رجل سَوْء،
وهذه امرأة سَوْء، ونحو هذا؛ ويقال: ساء ما فعل فلان صنيعًا، يسوء: أي قبح صنيعه
صنعًا، وفي التنـزيل: { ساء مثلاً القوم الذين كذبوا
بآيتنا } (الأعراف:177) .
و ( السُّوء ) بضم السين: الاسم من السَّوء، جرى مجرى الشر، وكلاهما في الأصل
مصدر؛ فتقول من السُّوء: استاء فلان في الصنيع، كما تقول في الغم: اغتم .
وهذا اللفظ في القرآن الكريم ورد بمعان عدة، نستعرض بعضًا منها فيما يلي:
( السُّوء ) بالضم: بمعنى الشدة، ومنه قوله تعالى: {
يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَاب } (البقرة:49) .
و ( السُّوء ) بالضم: بمعنى العَقْر - وهو الجرح للبعير - ومنه قوله تعالى في قصة
ناقة صالح عليه السلام: { ولا تمسوها بسوء }
(هود:64) .
و ( السُّوء ) بالضم أيضًا: يطلق على البرص، وعليه قوله تعالى: { تخرج بيضاء من غير سوء } (طه:22) .
و ( السُّوء ) بالضم: الشر، قال تعالى: { ما كنا نعمل من
سوء } (النحل:28) .
و ( السُّوء ) بالضم: الشتم والكلام القبيح، ومنه قوله تعالى: { لا يحب الله الجهر بالسوء من القول } (النساء:148) .
و ( السُّوء ) بالضم: الذنب، وعليه قوله تعالى: { إنما
التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة ثم يتوبون من قريب }
(النساء:17) .
و ( السُّوء ) بالضم: الضر، ومنه قوله تعالى: { أمَّن
يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السُّوء } (النمل:62) .
و ( السُّوء ) بالضم: القتل والهزيمة، وبه فُسِّر قوله تعالى: { لم يمسسهم سُوء } (آل عمران:174) .
و ( السُّوء ) بالضم: بمعنى بئس، قال تعالى في حق الذين ينقضون عهد الله من بعد
ميثاقه، ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل، ويفسدون في الأرض، قال: { ولهم سوء الدار } (الرعد:25) .
و ( السَّوء ) بالفتح: الزنا، ومنه قوله تعالى، مخاطبًا مريم عليها السلام: { ما كان أبوك امرأ سَوء } (مريم:28) ولا يصح بحال ضم
السين في الآية، ولا في قوله تعالى: { وظننتم ظن السَّوء
} (الفتح:12) لأن السُّوء لا يضاف إلى الرجل، ولا إلى الظن، وإنما يضاف إلى
الأفعال، فتقول: عَمِل عَمَل سُوء .
و ( السُّوأى ) في قوله تعالى: { ثم كان عاقبة الذين
أساؤوا السوأى } (الروم:10) تأنيث الأسوأ، خلاف الحسنى؛ أو مصدر، كالبشرى،
وهي في الآية بمعنى جهنم، أعاذنا الله منها .
و ( السوأة ): العورة والفاحشة، قال تعالى: { بدت لهما
سوآتهما } (الأعراف:22) قال ابن الأثير :
السوأة في الأصل الفرج، ثم نُقل إلى كل ما يُستحيا منه إذا ظهر وبدا، من قول وفعل
.
وقال الفراء في سورة براءة عند قوله تعالى: { عليهم دائرة السوء } (التوبة: 98) قال: قرأ القُراء
بنصب السين { السَّوء } والمراد بالسوء المصدر،
من سُؤْته سَوْءًا، ومساءَة؛ فهذه مصادر؛ قال: ومن قرأ بضم السين { السُّوء } جعله اسمًا، كقولك: عليهم دائرة البلاء
والعذاب، والمعنى هنا: عليهم الهزيمة والشر .
وكما تلحظ - قارئي الكريم - فإن المعاني المتعددة والمتنوعة للفظ ( السوء ) تفيد
معنى الشر والأذى، والسياق هو الذي يحدد نوعًا خاصًا ومعينًا من أنواع الأذى والشر.
فكن على بينة من هذا، ففي ذلك عون لك على فهم كتاب الله، وبه تعرف - فوق ذلك -
وجهًا من وجوه اختلاف القراءات القرآنية .
· المرجع :
موقع الشبكة الإسلامية.