أدب الاستئذان
 
 

للأشخاص والبيوت حرمة وأسرار ، ينبغي الحفاظ عليها ومراعاتها ومنع الأذى فيها ، أو مسّ أو خدش جانب الحياء في مناحيها ، أو الاطلاع على عورات الناس وإحراجهم ، لذا اعتبر الاستئذان من الآداب الإسلامية الرفيعة التي يجب على كل مسلم العمل فيها وبموجبها مع كل من هو حوله من الوالدين والإخوة والأصدقاء والخدم وغيرهم.

والأمر بالاستئذان منصوص عليه في القرآن الكريم ، قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتًا غَيْرَ بُيُوتِكُمْ حَتَّى تَسْتَأْنِسُوا وَتُسَلِّمُوا عَلَى أَهْلِهَ) [النور:27] أي حتى تستأذنوا وتؤنسوا أهلها بالتحية ، والمراد بالبيوت الغرف المنزلية ولو كانت للوالدين ، وقال الله تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) [النور:59] وقال عزوجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِن قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُم مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاء ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَّكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُم بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمُ الْآيَاتِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [النور:58]

وحكمة مشروعية الاستئذان واضحة: وهي عدم الاطلاع على العورات ، أو مشاهدة شيء يسوء الشخص أن يراه غيره عليه ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إنما جُعِلَ الاستئذان من أجل البصر) متفق عليه. [أي لئلا يقع بصر المستأذن على ما ينبغي ألا يراه].

وقد التزم الصحابة رضي الله عنهم هذا الأدب الرفيع في حياتهم ، فهذا ربعي بن حراش قال: حدثنا رجل من بني عامر أنه استأذن على النبي عليه الصلاة والسلام وهو في بيت فقال: أألج [يعني أأدخل] فقال النبي عليه الصلاة والسلام لخادمه: (اخرج إلى هذا فعلمه الاستئذان ، فقل له: قل السلام عليكم ، أأدخل ، فسمعه الرجل ، فقال: السلام عليكم أأدخل؟ فأذن له النبي عليه الصلاة والسلام فدخل). أخرجه أبو داود بإسناد صحيح.

ويؤيد ذلك أيضاً: ما أخرجه أبو داود وهو حديث حسن عن كلدة بن حنبل رضي الله عنه قال: (أتيت النبي عليه الصلاة والسلام فدخلت عليه ولم أسلم. فقال النبي عليه الصلاة والسلام: ارجع فقل: السلام عليكم أأدخل).

هذا هو أدب الاستئذان والسنة تقضي بتقديم السلام على طلب الدخول ، حيث كانت معظم البيوت في الماضي من غير أبواب ، أو الأبواب فيها غير ساترة بنحو كافٍ.

وقد دلَّت السنة أيضاً على أن يستوضح صاحب البيت من يستأذن عليه ، فيجيب المستأذن أو الضيف بما يُعرَف به من اسم أو لقب أو كنية ، أو ما شابه ذلك ، ولا يُجيب بكلمة غامضة أو عامة ، فيكره له أن يجيب بقوله: أنا أو صديق ، أو إنسان أو نحو ذلك من الكلمات المجهولة التي لا تبين هوية هذا المستأذن.. وقرع الباب في أيامنا هذه ينوب مناب الاستئذان باللفظ أو المناداة كما كان الحال في السابق.

  • أهم المصادر والمراجع:

-          أخلاق المسلم: د. وهبة الزحيلي.

-          خلق المسلم: عاشور الدمنهوري.

-          الجامع لأحكام القرآن: الإمام القرطبي.

-          الآداب الشرعية: الإمام محمد بن مفلح.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم