تعريف النسخ
 
 

 النسخ هو رفع الحكم الشرعي بحكم شرعي آخر متأخر عنه .

أي انتهاء الحكم المتقدم وإثبات الحكم المتأخر عنه مكانه .

فالحكم المرفوع يسمى : المنسوخ

والحكم الرافع يسمى : الناسخ

 

حكمه وقوع النسخ

يحتل النسخ مكانة هامة في تاريخ الأديان، حيث أن النسخ هو السبيل لنقل الإنسان إلى الحالة الأكمل عبر ما يعرف بالتدرج في التشريع، وقد كان الخاتم لكل الشرائع السابقة والمتمم له ما جاء به سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وبهذا التشريع بلغت الإنسانية الغاية في كمال التشريع.

ذلك أن النوع الإنساني تقلب كما يتقلب الطفل في أطوار مختلفة، ولكل طور من هذه الأطوار حال تناسبه غير الحال التي تناسب طوراً غيره، فالبشر أول عهدهم بالوجود كانوا كالوليد أول عهده بالوجود يتصف بالبساطة، والضعف والجهل ثم أخذوا يتحولون من هذا العهد رويداً رويداً، حتى إذا بلغ العالم أوان نضجه , جاء هذا الدين الحنيف ختاماً للأديان ومتمماً للشرائع ، وجامعاً لعناصر الحيوية ومصالح الإنسانية و مرونة القواعد، جمعاً بين مطالب الروح والجسد، وآخى بين العلم والدين، ونظم علاقة الإنسان بالله وبالعالم كله من أفراد، وأسر، وجماعات، وأمم، وشعوب، وحيوان، ونبات، وجماد، مما جعله بحق ديناً عاماً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.

ومن الحكم أيضا التخفيف والتيسير على العباد

 ومثاله: أن الله تعالى أمر بثبات الواحد من الصَحابَة مقابل العشرة من الرجال في قوله تعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [ الأنفال:65]

 ثم نسخ بعد ذلك بقوله تعالى :{الآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال:66]

وأصبح الواحد مقابل اثنين

 فهذا المثال يدل دلالة واضحة على التخفيف والتيسير ورفع المشقة .

 

 

شروط النسخ

 

الشروط المعتبرة في ثبوت النسخ خمسة :

 

الشرط الأول

 أن يكون الحكم في الناسخ والمنسوخ متناقضا بحيث لا يمكن العمل بهما جميعا فإن كان ممكنا لم يكن أحدهما ناسخا للآخر .

 

الشرط الثاني

أن يكون الحكم المنسوخ ثابتا قبل ثبوت الحكم الناسخ .

 

الشرط الثالث

 أن يكون الحكم المنسوخ قد ثبت بخطاب الشرع فأما إن كان ثابتا بالعادة والتعارف لم يكن نسخاً .

مثل الطلاق في الجاهلية كان غير محدد بعدد ثم جاء الإسلام وحدده بقوله تعالى :

{ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ } البقرة 229

فهذا لا يسمى نسخاً لأن الطلاق في الجاهلية لم يثبت بحكم الشرع وإنما هو العرف والعادة .

 

الشرط الرابع

 أن يكون الحكم الناسخ قد ثبت بخطاب الشرع بطريق النقل ولهذا إذا ثبت حكم منقول لم يجز نسخه بإجماع ولا بقياس .

 

الشرط الخامس

 أن يكون الطريق الذي ثبت به الناسخ مثل الطريق الذي ثبت به المنسوخ أو أقوى منه فأما إن كان دونه فلا يجوز أن يكون الأضعف ناسخا للأقوى .

فالقطعي ينسخ بالقطعي , والظني ينسخ بالظني , أما القطعي فلا ينسخ بالظني .

 

المراجع

نواسخ القرآن لعبد الرحمن الجوزي

مناهل العرفان في علوم القرآن لمحمد الزرقاني 

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم