سَوَاء و سَوْفَ
 
 

-          أولاً: سَوَاء

تكون بمعنى مسْتوٍ، فتقصر مع الكسر، نحو: ﴿مَكَانًا سُوًى﴾ [طه: 58]. وتُمدُّ مع الفتح، نحو: ﴿سَوَاء عَلَيْهِمْ أَأَنذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنذِرْهُمْ﴾ [البقرة: 6]. وبمعنى الوصل، فيُمدّ مع الفتح في نحو: ﴿سَوَاء الْجَحِيمِ﴾ [الصافات: 55]. وبمعنى التمام، فكذلك نحو: ﴿فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاء﴾ [فصلت: 10] أي: تماماً، ويجوز أن يكون منه:

﴿وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ﴾ [ص: 22].

ولم ترد في القرآن بمعنى «غير»، وقيل: وردت، وجعل منه في البرهان: ﴿فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ﴾ [البقرة: 108] وهو وهم، وأحسن منه قول الكلبي في قوله تعالى: ﴿وَلَا أَنتَ مَكَانًا سُوًى﴾ [طه: 58] أنها استثنائية، والمستثنى محذوف، أي «مكاناً سوى هذا المكان»، حكاه الكرْماني في عجائبه، وقال فيه بعد: لأنها لا تستعمل غير مضافة.

- ثانياً: سَوْفَ

حرف يدل على التأخير والتنفيس، وزمانه أبعد من زمان السين؛ لما فيها من إرادة التسويف.

ومنه قيل: «فلان يسوّف فلاناً»، قال تعالى: ﴿وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ﴾ [الزخرف: 44]، وقال: ﴿سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ﴾ [البقرة: 142] فقرّب القول.

وممن صرح بالتفاوت بينهما الزمخشري وابن الخشاب في شرح الجمل، وابن يعيش وابن أبان وابن بابشاذ وابن عصفور وغيرهم.

ومنع ابن مالك كون التراخي في «سوف» أكثر، بأن الماضي والمستقبل متقابلان، والماضي لا يقصد به إلا مطلق المضيّ دون تعرّض لقرب الزمان أو بُعده، فكذا المستقبل، ليجري المتقابلان على سنَنٍ واحد، ولأنهما قد استعملا في الوقت الواحد، وقال تعالى في سورة: ﴿عَمَّ يَتَسَاءلُونَ﴾ [النبأ: 1]: ﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ4/ثُمَّ كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ [النبأ: 4- 5]، وفي سورة التكاثر: ﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ3/ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: 3- 4]، وقوله:

﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء: 146].

قلت: ولا بدّ من دليل على أن قوله تعالى: ﴿وَسَوْفَ يُؤْتِ اللّهُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ [النساء: 146]، وقوله: ﴿فَسَيُدْخِلُهُمْ فِي رَحْمَةٍ مِّنْهُ وَفَضْلٍ﴾ [النساء: 175] معبّراً به عن معنى واحد.

ولمانع أن يمنعه مستنداً إلى أنّ الله تعالى وعد المؤمنين أحوال خير في الدنيا والآخرة، فجاز أن يكون ما قرن بالسين لما في الدنيا، وما قرن بـ «سوف» لما في الآخرة. ولا يخفى خروج قوله: ﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾ [النبأ: 4]، وقوله:

﴿كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [التكاثر: 3] عن دعواه؛ لأن الوعد والوعيد مع «سوف» لا إسكان فيه، ومع السين للمبالغة وقصد تقريب الوقوع، بخلاف «سيقوم زيد» و«سوف يقوم» مما القصد فيه الإخبار المجرّد.

وفرق ابن بابشاذ أيضاً بينهما، بأن «سوف» تستعمل كثيراً في الوعيد والتهديد، وقد تستعمل في الوعد.

مثال الوعيد: ﴿وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان: 42]، و﴿كَلَّا سَيَعْلَمُونَ﴾.

وأمثالها في الوعد: ﴿وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى﴾ [الضحى: 5]، فأما قوله تعالى: ﴿فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ﴾ [المائدة: 54] لتضمّنه الوعد والوعيد جميعاً، فالوعد لأجل المؤمنين المحبين، والوعيد لما تضمنت من جواب المرتدين بكونهم أعزّة عليهم وعلى جميع الكافرين.

والأكثر في السين الوعد، وتأتي للوعيد.

مثال الوعد: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا﴾ [مريم: 96].

ومثال الوعيد: ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: 227].

* * *

* أهم المصادر والمراجع:

- معجم الأدوات: راجي الأسمر.

- وانظر: لسان العرب: الإمام ابن منظور.

- وانظر: الإتقان في علوم القرآن: الإمام السيوطي.

- وانظر: معجم حروف المعاني: محمد حسن الشريف.

- وانظر: جواهر الأدب: أحمد الهاشمي.

- وانظر: معجم الأدوات والضمائر في القرآن الكريم: إسماعيل عمايرة وعبدالحميد السيد

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم