كِلاَ وَ كِلْتا
 
 

هما توكيد الاثنين؛ وفيهما معنى الإحاطة؛ ولهذا قال الراغب: هي في التثنية كـ (كلّ) في الجمع، ومفرد اللفظ مثنى المعنى؛ عبّر عنه مرةً بلفظه، ومرّةً بلفظ الاثنين، اعتباراً بمعناه؛ قال تعالى: ﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا﴾ [الإسراء:23].

قلت: لا خلاف أنّ معناها التثنية. واختلف في لفظها، فقال البصريون: مفرد، وقال الكوفيون: تثنية.

والصحيح الأول؛ بدليل عوْد الضمير إليها مفرداً في قوله: ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ﴾ [الكهف:33]؛ فالإخبار عن (كلتا) بالمفرد دليل على أنها مفرد؛ إذ لو كان مثنى، لقال:(آتتا)، ودليل إضافتها إلى المثنى في قوله: ﴿أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا﴾، ولو كان مثنى لم يجز إضافته إلى التثنية؛ لأنّه لا يجوز إضافة الشيء إلى نفسه. والفصيح مراعاة اللفظ؛ لأنّه الذي ورد به القرآن؛ فيقال:(كلا الرجلين خرج)، و(كلتا المرأتين حضرت).

وقد نازع بعض المتأخرين وقال: ليس معناه التثنية على الإطلاق كما ذكره النحاة، ولو كان كذلك لكثرت مراعاة المعنى؛ كما كثرت مراعاته في (من) و(ما) الموصولتين؛ لكنّ أكثر ما جاء في لسان العرب عود الضمير مفرداً؛ ﴿كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ﴾، وما جاء فيه مراعاة المعنى في غاية القلة.

قال: فالصواب أن معناها مفرد صالح لكل من الأمرين المضاف إليهما. وأما مراعاة التثنية فيه فعلى سبيل التوسّع أن كل فرد في جانب الثبوت معه غيره؛ فجاءت التثنية بهذا الاعتبار؛ فالإفراد فيه مراعاة المعنى واللفظ، والتثنية مراعاة المعنى من بعض الوجوه.

فائدة:

وقع في شعر أبي تمام (كلا الآفاق)، وخطأه المعرّي؛ لأنّ (كلا) يستعمل في الاثنين لا الجمع.

قال: ولم يأت في المسموع: (كلا القوم)، ولا (كلا الأصحاب)؛ وإنّما يقال: (كلا الرجلين) ونحوه؛ فإن أخذ من الكلأ؛ من قولك: (كلأت الشيء) إذا رعيته وحفظته، فالمعنى يصحّ؛ إلّا أنّ المتكلم يقصر؛ وهي ممدودة.

* أهم المصادر والمراجع:

- معجم الأدوات: راجي الأسمر.

- وانظر: لسان العرب: الإمام ابن منظور.

- وانظر: الإتقان في علوم القرآن: الإمام السيوطي.

- وانظر: معجم حروف المعاني: محمد حسن الشريف.

- وانظر: جواهر الأدب: أحمد الهاشمي.

- وانظر: معجم الأدوات والضمائر في القرآن الكريم: إسماعيل عمايرة وعبدالحميد السيد

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم