الوعد
 
 

الوعد يكون في الخير والشر. يقال: وَعَدْتُهُ بنفعٍ وضُرٍّ وَعْداً ومَوْعِداً ومِيعاداً، والوعيدُ في الشر خاصة. يقال منه: أَوْعَدْتُهُ، ويقال: واعَدْتُهُ وتَوَاعَدْنا. قال الله عز وجل: (إِنَّ اللّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ) [إبراهيم:22]، (أَفَمَن وَعَدْنَاهُ وَعْدًا حَسَنًا فَهُوَ لَاقِيهِ) [القصص:61]، (وَعَدَكُمُ اللَّهُ مَغَانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَهَا) [الفتح:20]، (وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ) [المائدة:9] إلى غير ذلك. ومن الوعد بالشر: (وَيَسْتَعْجِلُونَكَ بِالْعَذَابِ وَلَن يُخْلِفَ اللَّهُ وَعْدَهُ) [الحج:47] وكانوا إنما يستعجلونه بالعذاب، وذلك وعيد، وقال: (قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكُمُ النَّارُ وَعَدَهَا اللَّهُ الَّذِينَ كَفَرُوا) [الحج:72]، (إِنَّ مَوْعِدَهُمُ الصُّبْحُ) [هود:81]، (فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا) [الأعراف:70]، (وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ) [الرعد:40]، (فَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ) [إبراهيم:47]، (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ) [البقرة:268].

ومما يتضمن الأمرين قول الله عز وجل: (أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ) [يونس:55]، فهذا وعد بالقيامة، وجزاء العباد إنْ خيراً فخيرٌ وإنْ شراً فشر. والمَوْعِدُ والميعادُ يكونان مصدراً واسماً. قال تعالى: (فَاجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ مَوْعِدًا) [طه:58]، (بَلْ زَعَمْتُمْ أَلَّن نَّجْعَلَ لَكُم مَّوْعِدًا) [الكهف:48]، (مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ) [طه:59]، (بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ) [الكهف:58]، (قُل لَّكُم مِّيعَادُ يَوْمٍ) [سبأ:30]، (وَلَوْ تَوَاعَدتَّمْ لاَخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ) [الأنفال:42]، (إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ) [لقمان:33] أي: البعث (إِنَّ مَا تُوعَدُونَ لآتٍ) [الأنعام:134]، (بَل لَّهُم مَّوْعِدٌ لَّن يَجِدُوا مِن دُونِهِ مَوْئِلًا) [الكهف:58]. ومن المُواعَدَةِ قوله: (وَلَكِن لاَّ تُوَاعِدُوهُنَّ سِرًّا) [البقرة:235]، (وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً) [الأعراف:142]، (وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [البقرة:51] وأربعين وثلاثين مفعول لا ظرف. أي: انقضاء ثلاثين وأربعين، وعلى هذا قوله: (وَوَاعَدْنَاكُمْ جَانِبَ الطُّورِ الْأَيْمَنَ) [طه:80]، (وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ) [البروج:2] وإشارةٌ إلى القيامة كقوله عز وجل: (مِيقَاتِ يَوْمٍ مَّعْلُومٍ) [الواقعة:50]. ومن الإيعاد قوله: (وَلاَ تَقْعُدُواْ بِكُلِّ صِرَاطٍ تُوعِدُونَ وَتَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ) [الأعراف:86]، وقال: (ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ) [إبراهيم:14]، (فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ) [ق:45]، (لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُم بِالْوَعِيدِ) [ق:28] ورأيتُ أرْضَهُمْ واعِدَةً: إذا رُجِيَ خيرها من النَّبْتِ، ويومٌ واعدٌ: حرٌّ أو بَرْدٌ، ووعيدُ الفحل: هَدِيرُهُ، وقوله عز وجل: (وَعَدَ اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ) إلى قوله (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم) [النور:55] وقوله: (لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم) تفسير لِوَعَدَ كما أنَّ قوله عز وجل: (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ) [النساء:11] تفسير الوصية. وقوله: (وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ) [الأنفال:7] فقوله: (أَنَّهَا لَكُمْ) بدل من قوله: (إِحْدَى الطَّائِفَتِيْنِ)، تقديره: وعدكم الله أنَّ إحدى الطائفتين لكم؛ إما طائفة العير؛ وإما طائفة النَّفير. والعِدَةُ من الوَعْدِ، ويُجمع على عِداتٍ، والوَعْدُ مصدر لا يُجمع. ووعَدْتُ يقتضي مفعولين الثاني منهما مكان أو زمان أو أمر من الأمور. نحو: وعَدْتُ زيداً يوم الجمعة، ومكان كذا، وأن أفعل كذا، فقوله: (أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) لا يجوز أن يكون المفعول الثاني من: (وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً) [البقرة:51] لأنَّ الوَعْدَ لم يقع في الأربعين بل انقضاء الأربعين وتمامها: لا يصح الكلام إلا بهذا.

* * *

* أهم المصادر والمراجع:

- المفردات في ألفاظ القرآن الكريم: الإمام الراغب الأصفهاني.

- تفسير القرآن العظيم: الإمام ابن كثير.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم