الجمل في القرآن الكريم
 
 

إن جوهر الدين أن يعرف الإنسان ربَّه، وإن الكون كلّه مظهر لأسماء الله الحسنى، وإن التفكُّر في خلق السماوات والأرض باب واسع من أبواب معرفة الله، وإن الإنسان إذا تفكَّر في خلق الله عرفه، وإذا عرفه عبده، وإذا عبده سَعِدَ في الدنيا والآخرة. وقد وصف الله المؤمنين، بأنهم يتفكَّرون في خلق السماوات والأرض، وقد حضَّنا الله على التفكُّر في آياته.. ومنها الإبل: ﴿أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ [سورة الغاشية: 17].

لو أمعن المرء النظر إلى الجمل، لرآه من أبدع المخلوقات، إنه أعجوبة في الهندسة التشريحية، فالجمل يُعدُّ وسيلة لا تقدَّر بثمن في المناطق الصحراوية، والتي تغطي سدس مساحة اليابسة، والتي تستعصي حتى على أقوى المركبات.. وفي العالم ما يزيد عن خمسة عشر مليوناً من الجمال تزداد باستمرار.. فكل ما في الجمل متقن التصميم للتكيُّف مع بيئته القاسية.فعينه لها رموش كثيفة، ومزدوجة، تحجب عنها الرمال المتطايرة، وتتميَّز العين بقدرتها على التكبير والتقريب، فهي تريه البعيد قريباً، والصغير كبيراً، وهذا سرُّ انقاد الجمل لطفل صغير أو لدابة قميئة.. قال تعالى: ﴿وَذَلَّلْنَاهَا لَهُمْ﴾ [سورة يس: 72].

وفي إمكان الجمل، إغلاق أذنيه، ومنخريه، للغاية نفسها، أما أجفانه الضخمة، فهي تُسهَّل له الحركة على الرمال، من دون أن تَغْرُز فيها، وشفتا الجمل مطاطيتان قاسيتان، تلتهمان الأشواك الحادة، وهما فعّالتان في تجميع الأكل بحيث لا يفقد الجمل أي رطوبة، بمد لسانه إلى الخارج.

ومن أبرز الجمل قلة حاجته إلى الماء، ومع أنه يمكنه أن يشرب ما يملأ حوض استحمام، لكنه يستطيع أن يستغني عن الماء كلياً عشرات الأيام.. بل بضعة أشهر حيث يستطيع في الحالات الطارئة، أن يأخذ ما يحتاج إليه من ماء، من أنسجة جسمه، فيخسر ربع وزنه من غير أن يضعف عن الحركة!!..

وفي السنام يُخزَّن الجمل من الشحم، ما يعادل خمس وزنه، ومنه يسحب الجمل ما يحتاج إليه من غذاء، إن لم يجد طعاماً.. ومتوسط عمر الجمل، يزيد عن أربعين عاماً.

ولا يسلس قياد الجمل إلا إذا عومل باحترام ومودة وعطف.. وفي هذا عبرة لنبي البشر..﴿أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ﴾ [سورة الغاشية: 17].

* * *

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم