اليهود «مجمع نقائض»
 
 

عرضنا فيما سبق مجموعة من الأخلاق اليهودية المرذولة، وأشرنا إلى استقرارها في النفسية اليهودية المعقَّدة، وتمكنّها من الشخصية اليهودية المشوّهة، وأشرنا إلى انطباقها على التاريخ اليهودي العام، وإلى تمثلها في اليهود المعاصرين. وكان القرآن الكريم هو المصدر الوحيد الذي اعتمدنا عليه في تسجيل أخلاق اليهود، وقد كفانا وأغنانا فيما قدمه لنا عنهم، والحمد لله رب العالمين.

وقد استخرجنا من القرآن عشرين خلقاً من أخلاق يهود، فهم كاذبون، محرَّفون، حاسدون، متحايلون، مراوغون، مزاجيون، مستهزئون، خائنون، ضالُّون، مضلُّون، تجار، سفهاء، أذلاء، جبناء، بخلاء، يحرصون على حياة ينقضون العهود والمواثيق، يسارعون في الإثم والعدوان، يكتمون الشهادة، يفسدون في الأرض، يصدُّون عن سبيل الله.

وإن الإنسان ليعجب عندما يرى الشخصية اليهودية متصفةً بهذه الأخلاق كلها، ويزداد عجبه عندما يرى أن هذه الرذائل قد توارثها يهود عن أجدادهم، وقد سرت إليهم عن هذه الوراثة وكأنها «جينات» لا تخرج عن كيانهم.

وإن ملاحظة هذه القبائح عند يهود دليل على ما قلناه من قبل: إن الشخصية اليهودية «مجمع نقائص» و«مجموعة رذائل» و«تجمع شرور ومفاسد». ويتساءل الإنسان: ماذا بقي في النفسية اليهودية من خير وفضيلة، بل ماذا بقي لها من المعاني الإنسانية والمشاعر والعواطف الكريمة وسط هذا الركام الثقيل من الآفات والأمراض؟ ولعل الإنسان يرى اليهودي التائه: شراً محضاً، وحقداً خالصاً ووباءاً خطيراً، وشيطاناً لعيناً، وعدواً لكل ما هو إنساني في حياة البشرية.

ولا يسلم من هذه القبائح والرذائل إلا الأنبياء من بني إسرائيل الذين اصطفاهم الله ورباهم على عينه سبحانه، فإن هؤلاء الأنبياء – مثل باقي الأنبياء - «مجمعُ فضائل» و «مجموعة حسنات» وقدوات عملية للخير والهدى.

كذلك يسلم من هذه الآفات اليهودية الصالحون من بني إسرائيل، الذين اتبعوا أنبياءهم بإخلاص وجدية وصدق ووفاء، والذين اتَّبعوا الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فكانوا من جنوده ورجاله.

اليهود ملعونون

ولا يمكن أن يكون اليهود إلا ملعونين. كيف لا يكونون ملعونين وقد اتصفوا بالأخلاق الذميمة التي أشرنا إلى عشرين منها، لقد استحقوا اللعنة الأبدية بما اتصفوا به من الرذائل، وبما قاموا به من الشرور والمفاسد.

واللعنة – كما قال الإمام الراغب – هي (الطرد والإبعاد على سبيل السخط، وذلك من الله تعالى في الآخرة عقوبة، وفي الدنيا انقطاع من قبول رحمته وتوفيقه، ومن الإنسان دعاء على غيره. واللُّعْنة: الذي يُلْتَعن كثيراً. واللُّعَنة: الذي يَلْعَن كثيراً).

تحول اليهود إلى «مَلْعَنة» تصب عليهم فيها اللعنات من الجميع، لقد لعنهم الله عزّ وجلّ، ولعنتهم الملائكة، ولعنهم أنبياؤهم ولعنهم صالحوهم، ولعنهم المسلمون، ولعنهم الناس أجمعون.

واستحقوا بهذه اللعنات المتتابعة الدائمة إلى يوم القيامة غضب الله وسخطه وعذابه، وبها طردوا من رحمة الله، وأبعدوا من خيره.

منها قوله تعالى:﴿فَبِمَا نَقْضِهِم مِّيثَاقَهُمْ لَعنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً﴾ [المائدة: 13]. وقوله تعالى: ﴿قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللّهِ مَن لَّعَنَهُ اللّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُوْلَئِكَ شَرٌّ مَّكَاناً وَأَضَلُّ عَن سَوَاء السَّبِيلِ﴾ [المائدة: 60].

وقله تعالى: ﴿وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُواْ بِمَا قَالُواْ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ﴾ [64].

وقوله تعالى: ﴿لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ﴾ [المائدة: 87].

وقوله تعالى: ﴿وَقَالُواْ قُلُوبُنَا غُلْفٌ بَل لَّعَنَهُمُ اللَّه بِكُفْرِهِمْ فَقَلِيلاً مَّا يُؤْمِنُونَ88/2وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ﴾ [البقرة: 88 – 98].

وقوله تعالى: ﴿أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللّهِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [آل عمران: 78].

وقوله تعالى: ﴿مِّنَ الَّذِينَ هَادُواْ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِن لَّعَنَهُمُ اللّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلاً46/4يَا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ آمِنُواْ بِمَا نَزَّلْنَا مُصَدِّقًا لِّمَا مَعَكُم مِّن قَبْلِ أَن نَّطْمِسَ وُجُوهًا فَنَرُدَّهَا عَلَى أَدْبَارِهَا أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَمَا لَعَنَّا أَصْحَابَ السَّبْتِ وَكَانَ أَمْرُ اللّهِ مَفْعُولاً47/4إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا 48/4أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُمْ بَلِ اللّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاء وَلاَ يُظْلَمُونَ فَتِيلاً49/4انظُرْ كَيفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللّهِ الكَذِبَ وَكَفَى بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا50/4أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُواْ نَصِيبًا مِّنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ هَؤُلاءأَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ سَبِيلاً51/4أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللّهُ وَمَن يَلْعَنِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ نَصِيرًا﴾ [النساء: 46 – 52].

لعنة الله على اليهود هي دائمة ثابتة عليهم لا تفارقهم في تاريخهم كله، ولقد تكررت اللعنة – بمختلف تصريفاتها – في الآيات التي أوردناها اثنتا عشرة مرة، وهذا من أوضح الأدلة على اللعنات المنصبة على يهود الملعونين، وقد تحوّلوا بها إلى «ملعنة» في كل تاريخهم، الذي كفروا فيه بالله وحاربوا رسله ودينه.

* * *

  • المصدر:

-          الشخصية اليهودية في القرآن الكريم: د. صلاح الخالدي.

-          تفسير القرآن العظيم: الإمام ابن كثير.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم