النون والتنوين
 
 

النون

 

للتأكيد، وهي إن كانت خفيفة كانت بمنزلة تأكيد الفعل مرتين، أو شديدة فمنزلة تأكيده ثلاثاً، وأمّا قوله تعالى: ﴿ لَيُسْجَنَنَّ وَلَيَكُونًا مِّنَ الصَّاغِرِينَ﴾ [يوسف: 32]، من حيث أكَّدت السجن بالشدّة دون ما بعده إعظاماً.

ولم يقع التأكيد بالخفيفة في القرآن إلّا في موضعين: هذا، وقوله: ﴿لَنَسْفَعًا بِالنَّاصِيَةِ﴾[العلق].

وفي القواعد أنّها إذا دخلت على فعل الجماعة الذكور، كان ما قبلها مضموناً، نحو: «يا رجال اضربن زيداً»، ومنه قوله تعالى: ﴿لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ﴾ [آل عمران: 81]، فأمّا قوله تعالى: ﴿لَئِن كَشَفْتَ عَنَّا الرِّجْزَ لَنُؤْمِنَنَّ لَكَ وَلَنُرْسِلَنَّ مَعَكَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ﴾ [الأعراف: 134]، فإنّما جاء قبلها مفتوحاً، لأنّها دخلت على فعل الجماعة للمتكلّمين، وهو بمنزلة الواحد، ولا تلحقه واو الجماعة، لأن الجماعة إذا أخبروا عن أنفسهم قالوا: «نحن نقوم»، ليكون فعلهم كفعل الواحد، والرجل الرئيس إذا أخبر عن نفسه، قال كقولهم، فلمّا دخلت النون هذا الفعل مرة أخرى، بني آخره معها على الفتح لمّا كان لا يلحقه واو الجمع، وإنّما يضمون ما قبل النون في الأفعال التي تكون للجماعة، ويلحقها واو الجمع التي هي ضميرهم، وذلك أنّ واو الجمع يكون ما قبلها مضموماً، نحو قولك: وسكون النون، وبقي ما قبل الواو مضموماً، ليدلّ عليه. ومثله: ﴿لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ﴾ [الأعراف: 149].

فإن كان ما قبل الواو مفتوحاً لم يحذفها، ولكنّها تحرّكها لالتقاء الساكنين؛ نحو: «اخشونّ زيداً».

* * *

 

التنوين

نون ثبت لفظاً لا خطّاً، وأقسامه كثيرة:

1- تنوين التمكين، وهو اللاحق للأسماء المعربة، نحو: ﴿وَهُدًى وَرَحْمَةٌ﴾ [الأنعام: 154]، ﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُوداً﴾ [الأعراف: 65]، ﴿أَرْسَلْنَا نُوحًا﴾ [المؤمنون: 23].

2- ونون التنكير، وهو اللاحق لأسماء الأفعال، فرْقاً بين معرفتها ونكرتها، نحو التنوين اللاحق لـ﴿أُفٍّ﴾ في قراءة منْ نوَّنه، و﴿هَيْهَاتَ﴾ في قراءة منْ نوَّنها.

3- وتنزين المقابلة، وهو اللاحق لجمع المؤنث السالم، نحو: ﴿مُسْلِمَاتٍ مُّؤْمِنَاتٍ قَانِتَاتٍ تَائِبَاتٍ عَابِدَاتٍ سَائِحَاتٍ﴾ [التحريم: 5].

4- وتنوين العوض، إمّا عن حرف آخر مفاعل المعتلّ، نحو: ﴿وَالْفَجْرِ1/89وَلَيَالٍ عَشْرٍ﴾ [الفجر:1 – 2]، ﴿وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ﴾ [الأعراف: 41]، أو عن اسم مضاف إليه في «كل» و«بعض» و«أي»، نحو: ﴿وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ﴾ [يس: 40]، ﴿فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ﴾ [البقرة: 253]، ﴿أَيًّا مَّا تَدْعُواْ﴾ [الإسراء: 110]، أو عن الجملة المضاف إليها نحو: ﴿وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ﴾ [الواقعة:84]، أي: حين ﴿إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ﴾ [الواقعة: 83]، أو «إذا» على ما تقدّم عن شيخنا ومن نحا نحوه: ﴿وَإِنَّكُمْ إِذًا لَّمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ [الشعراء: 42]، أي: إذا غلبتم.

5- وتنوين الفواصل، الذي يسمّى في غير القرآن «الترنم» بدلاً من حرف الإطلاق، ويكون في الاسم والفعل والحرف. وخرج عليه الزمخشري وغيره: ﴿قَوَارِيرَا﴾ [الإنسان: 15]، ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾ [الفجر: 4]، ﴿كَلَّا سَيَكْفُرُونَ﴾ [مريم: 82]، بتنوين الثلاثة.

* * *

* أهم المصادر والمراجع:

- معجم الأدوات النحوية في القرآن: راجي الأسمر.

- الإتقان في علوم القرآن: الإمام السيوطي.

- حجة القراءات: ابن زنجلة.

- معجم لسان العرب: ابن منظور.
 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم