القاعدة الثامنة عشرة:قوَّةُ الدَّافِعِ وصِدْقُ الرَّغبةِ في حِفْظِ القرآن
 
 

يُعَرِّفُ علماءُ التربية الدافعَ بأنه: مجموعة القُوى التي تحرك سلوك الإنسان، وتوجِّهُهُ نحو هدف من الأهداف.

وهناك تعريف قد يكون أدقَّ: حالة داخلية- جسمية أو نفسية- تثير السلوك في الظروف معينة، وتوصله حتى ينتهيَ إلى غاية معينة.

لو تساءلنا: ما هي الدوافع التي تجعل المسلم يتحرك إلى حِفْظ القرآن الكريم...؟

ويمكننا أن نوجز الدوافع التي تولد الرغبة في النقاط التالية:

أ- الثوابُ والأجرُ، والارتقاءُ في درجات الجنة.

ب- المنافَسَةُ، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

ج- معرفةُ الحافظ قيمةَ ما يحفظه أولاً بأول، وتقييمه لمستوى حفظه، وإحساسُهُ بأنه بَدَأ ينتقلُ من لا شيء، إلى التحصيل والحفظ، فهذا من الدوافع الفعّالة التي تُسْهِمُ في رفع المستوى، ولا يخفى دَوْرُ الشَّيخ- الذي يَسْمَعُ لكَ ما حفظته- في هذا الجانب، كما بينتُه سابقاً.

د- تعمُّد الحفظِ عن قَصْدٍ، وتحديدُ الهدَف من الحفظ.

ولا شك أن هدفَ المسلم الأول: الفوز برضاء الله تعالى.

ومن أعظم الوسائل التي توصِل إلى هذا الهدف: القرآن الكريم، ولا يخفى على المسلم ما أعدَّه الله لحافظ القرآن من المثوبة والأجْر، ولتالِية من الحسنات، وبلوغ أعلى الدرجات في الحياة وبعد الممات، وكفى بهذا دافعاً لأن يتوجه الشباب والشيوخ إلى حِفْظ هذا القرآن.

وهذه الدوافع من استحضار الأجر الجزيل، والفضل العظيم لأهل القرآن، تُوجِدُ حالةً داخليَّة نفْسيَّة تجعل الإنسانَ يبادرُ إلى الحِفْظ متخطياً جميع الصعاب.

وإن صِدْقَ الرَّغبة في حِفْظ القرآن الكريم يذلل أشد العقبات.

وإن آكد مهامِّ الأساتذة والمربين أن يُحْسِنُوا توجيهَ مَنْ يَتَوَلَّوْن تربيتهم إلى هذا الجانب، من أجل أن تَرْسَخَ هذه الدوافِعُ في نفوسهم منذ سنِّ الصِّغَر حتى يَشِبُّوا على هذه الرغبة، وتصبح فيما بعد رغبةً ذاتيةً.

ولقد قام بعضُهم بدراسةٍ حول بعض الجنود الذين يتعلمون لغة غير لغتهم فوجَدَ أن الجنديَّ يستطيع أن يتحدَّثَ تلك اللغةَ الأجنبيةَ التي طُلبَ منه تعلُّمُها خلال بضعة أشهر، بينما طلاّبُ المدارس يُمْضي الواحِدُ منهم عدَّةَ سَنَواتٍ في تَعَلُّم لغة أجنبية ومع ذلك فهو لا يتقنها.

ولا شك أن هذا الفارقَ الكبيرَ يعودُ إلى قوَّة الدَّافِع لدى الجنديّ الذي يلمسُ الأثر لتعلُّمه اللغةَ، ويُقدِّرُ أهمّية ذلك، بينما الطالبُ لا يُدْرِكُ هذه الأهمّية، بل يُحِسُّ أن ذلك منهج دراسيّ ثقيل يَوَدُّ التخلُّصَ منه.

ومثال آخر معروف لدى الجميع، وهو أن الإنسان يحفظ في ليلة الاختبار أضعافاً مضاعفَةً من المعلومات، وما ذلك إلا لدافع قَوِيٍّ لديه في النجاح وعدم الفشل.

 

  • المصدر:

-          كيف تحفظ القرآن الكريم: د. يحيى الغوثاني.

-          دروس في ترتيل القرآن الكريم: الشيخ عبدالقادر شيخ الزور.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم