إذْ
 
 

ظرف لماضي الزمان، يضاف للجملتين، كقوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ﴾ [الأنفال:26]، وتقول: أيّدك الله إذْ فعلت؟

وأما قوله تعالى: ﴿وَلَوْ تَرَىَ إِذْ وُقِفُواْ عَلَى النَّارِ﴾ [الأنعام:27] فـ«تَرَى» مستقبل، و«إذ» ظرف للماضي، وإنما كان كذلك لأن الشيء كائن، وإن لم يكن بعد؛ وذلك عند الله قد كان؛ لأنّ علمه به سابق، وقضاءه به نافذ؛ فهو كائن لا محالة.

وقيل: المعنى: ولو ترى ندمهم وخزْيهم في ذلك اليوم بعد وقوفهم على النار، فـ«إذ» ظرف ماض، لكن بالإضافة إلى ندمهم الواقع بعد المعانية، فقد صار وقت التوقف ماضياً بالإضافة إلى ما بعده، والذي بعده هو مفعول «ترى».

وأجاز بعضهم مجيئها مفعولاً به، كقوله: ﴿وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ﴾، ومنعه آخرون، وجعلوا المفعول محذزفاً، و«إذ» ظرف، عامله ذلك المحذوف، والتقدير ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ﴾ إذاً، واذكروا حالكم.

ونحوه قوله: ﴿إِذْ قَالَ اللّهُ يَا عِيسَى﴾ [آل عمران:55]، قيل: قال له ذلك لمّا رفعه إليه.

وتكون بمعنى «حين»، كقوله: ﴿وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ﴾ [يونس:61].

وقيل: تأتي ظرفاً لما يستقبل بمعنى «إذا»، وخرّج عليه بعض ما سبق.

وكذا قوله: ﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ 70/40إِذِ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ﴾ وأنكره السهيليّ؛ لأنّ «إذا» لا يجيء بعدها المضارع مع النفي.

وقد تجيء بعد القسم/ كقوله: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَسْرِ﴾ [الفجر:4] لانعدام معنى الشرطية فيه. وقيل: تجيء زائدة، نحو: ﴿وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلاَئِكَةِ﴾ [البقرة:30]. وقيل: هي فيه بمعنى «قد» وقد تجيء بمعنى «أن»، حكاه السهيليّ في «الروض» عن نص سيبويه في كتابه، قال: ويشهد له قوله تعالى: ﴿بَعْدَ إِذْ أَنتُم مُّسْلِمُونَ﴾ [آل عمران:80].

وعليه يحمل قوله تعالى: ﴿وَلَن يَنفَعَكُمُ الْيَوْمَ إِذ ظَّلَمْتُمْ أَنَّكُمْ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ﴾ [الزخرف:39]. قال: وغفل الفارسيّ عما في الكتاب من هذا، وجعل الفعل المستقبل الذي بعد «لن» عاملاً في الظرف الماضي، فصار بمنزلة من يقول: «سآتيك اليوم أمس».

قال: وليت شعري ما تقول في قوله تعلى: ﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ فَسَيَقُولُونَ هَذَا إِفْكٌ قَدِيمٌ﴾ [الأحقاف:11]، فإن جوّز وقوع الفعل في الظرف الماضي على أصله، فكيف يعمل ما بعد الفاء فيما قلها؛ لا سيما مع السين، وهو قبيح أن تقول: «غداً سآتيك»! كيف إن قلت: «غداً فسآتيك»! فكيف إن زدْت على هذا وقلت: «أمس فسآتيك»، و«إذْ»على أصله بمعنى: «أمس».

تنبيه: [في وقوع «إذ» بعد «واذكروا»]

حيث وقعت «إذ» بعد «واذكروا»، فالمراد به المر بالنظر إلى ما اشتمل عليه ذلك الزمان، لغرابة ما وقع فيه، فهو جدير بأن ينظر فيه. وقد أشار إلى هذا الزمخشريّ في قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ﴾ [مريم:16] ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا41/19إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ﴾ [مريم:41-42]، ونظائره.

 

* أهم المصادر والمراجع:

- معجم الأدوات النحوية في القرآن: راجي الأسمر.

- الإتقان في علوم القرآن: الإمام السيوطي.

- حجة القراءات: ابن زنجلة.

- معجم لسان العرب: ابن منظور.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم