كيف أستطيع أن أكون مُميزاً عندما أحدّث الآخرين
 
 
  • مقدمة: أهمية تعلّم فنّ الإلقاء:

امتنّ الله على الإنسان بنعمة الإبانة عما في نفسه ليفيد غيره ويستفيد هو فقال: ﴿عَلَّمَهُ الْبَيَانَ﴾ وهذا الأمر يتميز به الإنسان عن بقية أنواع الحيوان فهو من أعظم النِّعم.

 وقال الله تعالى على لسان موسى عليه السلام: ﴿وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَن يُكَذِّبُونِ

وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قدم رجلان من المشرق فخطبا، فعجب الناس لبيانهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنّ من البيان لسحراً» أخرجه البخاري.

قال أحدهم لو قُدِّر لي أن أفقد كلّ مواهبي وملكاتي، وكان لي اختيار في أنْ أحتفظ بواحدة فقط فلن أتردد في أنْ تكون هذه هي القدرة على التحدث؛ لأنني من خلالها سأستطيع أنْ أستعيد البقية بسرعة.

وقيل أيضاً عمن يحسن الحديث إلى الناس: سواء أرضينا أم أبينا فإنّ الذين يحسنون الحديث أمام الناس يعتبرهم الآخرون أكثر ذكاء وأنّ لديهم مهارات قيادية متميزة عن غيرهم!

 

  • مواصفات المتكلم المتميز.

1- العلم: على المتحدث أن يحيط بالموضوع الذي يتحدّث عنه، وإلا ناقض نفسه، وسيتضح ذلك للناس سريعاً؛ لأنه لن يستطيع أن يتحدث بغير علم. وقد قيل: كلّ إناء بما فيه ينضح.

2- الإعداد الجيد: وذلك بالتحضير للموضوع المراد التحدث عنه، وهذا الأمر يساعد المتكلم للوصول إلى السامعين وشدّ انتباههم.

3- امتلاك المهارات اللغوية: وذلك بالاهتمام باللغة وكثرة المطالعة، وعندها يمتلك المتكلم معجماً واسعاً من المفردات يزوده بقدرة فائقة على التعبير عن المعنى بأروع طريقة وأبدع أداء. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: « أوتيت جوامع الكلم » أخرجه أحمد. وأهم تلك المهارات: استخدام اللغة اليومية السهلة. قالت عائشة رضي الله عنها: كان كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاماً فصلاً يفهمه كلَّ مَن سمعه. أخرجه أبو داود.

4- إيصال فكرة مهمة للمستمعين أثناء الحديث: الكلام العام الذي ليس له هدف محدد غالباً ما يكون ضعيف التأثير والإقناع؛ لذلك لابدّ للمتحدث من تحديد هدف رئيس هام يمسّ حياة المستمعين ويستجلب اهتمامهم.

5- ترابط الكلام مع بعضه: كلام الشخص الذي يحدث الآخرين أشبه ما يكون بجسم واحد مكون من أجزاء؛ لذلك من الضروري أن تكون أجزاء هذا الجسم متناسقة ومنسجمة مع بعضها البعض بحيث تخرج في قالب واحد. والكلام الذي يكون مشتتاً ويعالج أكثر من موضوع دون ترابط يكون مثل صورة متناقضة الأشكال والألوان. لذلك على المتكلم أنْ ينتقل بسلاسة بين فقرات الحديث الواحد.

انتبه: عندما لا تُنَسّق معرفة الإنسان فإنه كلما حصل على المزيد منها كلما ازداد ارتباك أفكاره.

6- الإكثار من الشواهد ومن الأمثلة: كالآيات والأحاديث وأقوال العلماء وقصص القرآن والقصص النبوية والأمثلة الواقعية.

7- استخدام الإشارات الطبيعية بالجسد والوجه واليدين.

8- الإيمان بما يقول: وذلك بأن يكون قدوة حسنة للمستمعين وأن يكون أول مطبق لكلامه، قال طارق بن زياد في خطبته المشهورة: اعلموا أني أول مُجيب لما دعوتكم له.

وقال الشاعر:

لا تنه عن خلق وتأتيَ مثله

 

عار عليك إذا فعلت عظيم

ابدأ بنفسك فانهها عن غيّها

 

فإذا انتهت عنه فأنت حكيم

9- الثقة بالنفس: المتكلم الذي يثق بنفسه سيكون أكثر وصولاً إلى قلوب المستمعين وعقولهم.

10- مراعاة حال السامعين: قيل: خاطبوا الناس على قدر عقولهم. لذلك على المتكلم أنْ يكون ثاقب النظر ليعرف ما هو الموضوع واللفظ المناسب لمستمعيه، وعليه أنْ يعرف متى يتحدث ومتى يقف. روى عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يتخولنا بالموعظة في الأيام كراهة السآمة علينا. أخرجه البخاري.

11- الاستماع الجيد: كما يجب على المتكلم أنْ يكون جيداً في الإلقاء كذلك يجب أنْ يكون جيداً في التلقي وأنْ يحسن استعمال مهارات الاستماع الجيد للآخرين ليستطيع فهم الأسئلة والإجابة عنها.

12- المحافظة على التواصل بالعين.

13- تقسيم الوقت بين أجزاء الحديث بشكل جيد ومتناسب.

 

  • أخيراً: قال إيمرسون: إنَّ جميع المتكلمين العظماء كانوا متكلمين سيئين في البداية.
 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم