الإمام عبدالله بن عبّاس رضي الله عنهما
 
 

نسبه وحياته: هو عبد الله ابن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمه أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية، ولد وبنو هاشم بالشعب قبل الهجرة بثلاث، وقيل بخمس والأولى أثبت.

وقد حج عبد الله ابن عباس سنة قتل عثمان بأمر منه، وكان على الميسرة يوم صفين، وولاه على البصرة، فلم يزل ابن عباس عليها حتى قتل علي فاستخلف على البصرة عبد الله بن الحارث ومضى إلى الحجاز. وتوفي بالطائف سنة خمس وستين، وقيل سبع، وقيل ثمان وهو الصحيح في قول الجمهور، قال الواقدي: لا خلاف عند أئمتنا أنه ولد بالشعب حين حصرت قريش بني هاشم، وأنه كان له عند موت النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة سنة.

منزلته وعلمه: وابن عباس ترجمان القرآن، وحبر الأمة، ورئيس المفسرين، فقد أخرج البيهقي في الدلائل عن ابن مسعود قال: «نعم ترجمان القرآن ابن عباس» وأخرج ابن سعد بسند صحيح عن يحيى بن سعيد  الأنصاري: «لما مات زيد بن ثابت قال أبو هريرة، مات حبر هذه الأمة، ولعل الله أن يجعل في ابن عباس خلفاً».

وقد أحرز ابن عباس منزلته بين كبار الصحابة على صغر سنه بعلمه وفهمه تحقيقاً لدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي الصحيح عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ضمه إليه وقال: «اللهم علمه الحكمة». وفي معجم البغوي وغيره عن عمر أنه كان يقرب ابن عباس ويقول «إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاك فمسح رأسك، وتفل في فيك» وقال: «اللهم فقهه في الدين، وعلمه التأويل». وأخرج البخاري من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: كان عمر يدخلني مع أشياخ بدر، فكأن بعضهم وجد في نفسه، فقال: لم يدخل هذا معنا وإن لنا مثله؟ فقال عمر: إنه من علمتم. فدعاهم يوم فأدخله معهم، فما رأيت أنه دعاني فيهم يومئذ إلا ليريهم، فقال: ما تقولون في قول الله تعالى: ﴿إِذَا جَاء نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ﴾ فقال بعضهم: أمرنا أن نحمد الله ونستغفره إذا نصرنا وفتح علينا، وسكت بعضهم فلم يقل شيئاً، فقال لي: أكذلك تقول يا ابن عباس؟ فقلت: لا، فقال: ما تقول؟ فقلت: هو أجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلمه له، قال: إذا جاء نصر الله والفتح فذلك علامة أجلك، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان تواباً، فقال عمر: لا أعلم منها إلا ما تقول».

تفسيره: وقد ورد عن ابن عباس في التفسير ما لا يحصى كثرة، وجمع ما نقل عنه في تفسير مختصر ممزوج يسمى «تفسير ابن عباس» وفيه روايات وطرق مختلفة، ولكن أحسن الطرق عنه طريق علي بن أبي طلحة الهاشمي عنه، واعتمد على هذه البخاري في صحيحه، ومن جيد الطرق طريق قيس بن مسلم الكوفي عن عطاء بن السائب.

وفي التفاسير الطوال التي أسندوها إلى ابن عباس مجاهيل: وأوهى طرقه طريق الكلبي عن أبي صالح، والكلبي هو أبو النصر محمد بن السائب المتوفي سنة 146هـ فإن انضم إليه رواية محمد بن مروان السدي الصغير سنة 186هـ فهي سلسلة الكذب، وكذلك طريق مقاتل بن سليمان بن بشر الأزدي، إلا أن الكلبي يفضل عليه لما في مقاتل من المذاهب الردئية.

وطريق الضحاك بن مزاحم الكوفي عن ابن عباس منقطة، فإنه لم يلق ابن عباس وإن انضم إلى ذلك رواية بشر بن عمارة فضعيفة لضعف بشر، وإن كان من رواية جويبر عن الضحاك فأشد ضعفاً، لأن جويبراً شديد الضعف متروك.

وطريق العوفي عن ابن عباس اخرج منها ابن جرير وابن أبي حلتم كثيراً، والعوفي ضعيف ليس بواه، وربما حسن له الترمذي.

وبهذا يستطيع القارئ أن ينقب عن الطرق ويعرف منها الجيد المقبول من الضعيف أو المتروك، فليس كل ما روي عن ابن عباس بالصحيح الثابت. وقد ذكرنا مزيداً من التفصيل عن ذلك عند الكلام عن تفسيره.

* * *

  • المصدر:

- كتاب مباحث في علوم القرآن الكريم: مناع القطان.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم