الثوب
 
 

ثوب: أصل الثَّوب: رجوع الشيء إلى حالته الأولى التي كان عليها، أو إلى الحالة المقدَّرة المقصودة بالفكرة، وهي الحالة المشار إليها بقولهم: أوَّل الفكرة آخر العمل. فمن الرجوع إلى الحالة الأولى قولم: ثابّ فلانٌ إلى داره، وثابت إليَّ نفسي، وسمّي مكان المُستسقي إلى فم البئر مَثابة، ومن الرجوع إلى الحالة المقدرة المقصودة بالفكرة الثوب، سمّي بذلك لرجوع الغزل إلى الحالة التي قدّرت له، وكذا ثواب العمل، وجمع الثوب أَثْواب وثِياب، وقوله تعالى: ﴿وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ﴾ [المدثر/4]يحمل على تطهير الثوب، وقيل: الثياب كنايةٌ عن النفس لقول الشاعر:

85- ثيابُ بني عوفٍ طهارى نقيَّةُ

وذلك أمر بما ذكره الله تعالى في قوله: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا﴾ [الأحزاب/33]. والثواب: ما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله، فيسمى الجزاء ثواباً تَصوُّراً أنه هو هو، ألا ترى كيف جعل الله تعالى الجزاء نفس العمل في قوله: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزلزلة/7]، ولم يقل جزاءه، والثواب يقال في الخير والشر، لكن الأكثر المتعاريف في الخير، وعلى هذا قوله عزَّ وجلَّ: ﴿ثَوَابًا مِّن عِندِ اللهِ وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ﴾ [آل عمران/195]، ﴿فَآتَاهُمُ اللهُ ثَوَابَ الدُّنْيَا وَحُسْنَ ثَوَابِ الآخِرَةِ﴾ [آل عمران/148]، وكذلك المثوبة في قوله تعالى: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُم بِشَرٍّ مِّن ذَلِكَ مَثُوبَةً عِندَ اللهِ﴾ [المائدة/60]، فإنَّ ذلك استعارة في الشر كاستعارة البشارة فيه. قال تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُواْ واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِّنْ عِندِ اللَّه﴾ [البقرة/ 103]، والإثابة تستعمل في المحبوب، قال تعالى: ﴿فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُواْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ﴾ [المائدة/85]، وقد قيل ذلك في المكروه ﴿فَأَثَابَكُمْ غُمَّاً بِغَمٍّ﴾ [آل عمران/153]، على استعارة كما تقدَّم، والتثويب في القرآن لم يجئ إلا في المكروه، نحو: ﴿هَلْ ثُوِّبَ الْكُفَّارُ﴾ [المطففين/36]، وقوله عزَّ وجلَّ: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً﴾ [البقرة/125]، قيل: معناه: مكاناً يثوبُ إليه النَّاسُ على مرور الأوقات، وقيل: مكاناً يكتسب فيه الثواب. والثَّيب: التي تثوب عن الزوج. قال تعالى: ﴿ ثَيِّبَاتٍ وَأَبْكَارًا﴾ [التحريم/5]، وقال عليه السلام: «الثيِّبُ أحقُّ بنفسها». والتَّثويب: تكرار النداء، ومنه: التثويب في الأذان، والثُّوباء التي تعتري الإنسان سميت بذلك لتكررها، والثُّبة: الجماعة الثائب بعضهم إلى بعض في الظاهر. قال عزَّ وجلَّ: ﴿فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انفِرُواْ جَمِيعًا﴾ [النساء/71]، قال الشاعر: 86- وقد أغدو على ثُبةٍ كرامٍ

وثُبَة الحوض: ما يثوب إليه الماء، وقد تقدَّم.

·         المصدر:  مفردات ألفاظ القرآن الكريم: الراغب الأصفهاني.

 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم