قصة أصحاب الفيل
 
 
كانت اليمن تابعة للنجاشي ملك الحبشة. وقام والي اليمن (أبرهة) ببناء كنيسة عظيمة، وأراد أن يغيّر وجهة حجّ العرب. فيجعلهم يحجّون إلى هذه الكنيسة بدلا من بيت الله الحرام وذلك قبل بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم فقد كانت العرب تحج إلى بيت الله الحرام على ملة ابراهيم عليه السلام. فكتب أبرهة إلى النجاشي: إني قد بنيت لك أيها الملك كنيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك, ولست بمنته حتى أصرف إليها حج العرب. إلا أن العرب أبوا ذلك. وقيل إن رجلا من العرب ذهب وأحدث في الكنيسة تحقيرا لها. وإن بنو كنانة قتلوا رسول أبرهة الذي جاء يطلب منهم الحج للكنيسة. فعزم أبرهة على هدم الكعبة. وجهّز جيشا جرارا، ووضع في مقدمته فيلا مشهورا عندهم . فعزمت العرب على قتال أبرهة. وكان أول من خرج للقاءه، رجل من أشراف اليمن دعا قومه فأجابوه، والتحموا بجيش أبرهة, لكنه هُزِم وسيق أسيرا إلى أبرهة. ثم وصل أبرهة ورجاله إلى الطائف، فقال قوم من الطائف لأبرهة إن الكعبة موجودة في مكة –حتى لا يهدم لهم بيت اللات الذي بنوه في الطائف- وأرسلوا مع الجيش رجلا منهم ليدلّهم على الكعبة. أرسل أبرهة كتيبة من جنده، ساقت له أموال قريش وغيرها من القبائل, وكان من بين هذه الأموال مائتي بعير لعبد المطلب بن هاشم، كبير قريش وسيّدها. ثم انطلق عبد المطلب إلى أبرهة. ثم قال لترجمانه: قل له: ما حاجتك? فقال: حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي. فلما قال ذلك, قال أبرهة لترجمانه: قل له: أتكلمني في مئتي بعير أصبتها لك وتترك بيتا هو دينك ودين آبائك قد جئت لهدمه ولا تكلمني فيه? قال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل,وإن للبيت رب سيمنعه. فاستكبر أبرهة وقال: ما كان ليمتنع مني. قال: أنت وذاك!.. فردّ أبرهة على عبد المطلب إبله. ثم عاد عبد المطلب إلى قريش وأخبرهم بما حدث، وأمرهم بالخروج من مكة والبقاء في الجبال المحيطة بها. ثم توجه هو ورجال من قريش إلى للكعبة وأمسكوا حلقة بابها، وقاموا يدعون الله ويستنصرونه, ثم ذهب هو ومن معه إلى الجبل. ثم أمر أبرهة جيشه والفيل في مقدمته بدخول مكة, إلا أن الفيل برك ولم يتحرك. فضربوه ووخزوه، لكنه لم يقم من مكانه. فوجّهوه ناحية اليمن، فقام يهرول. ثم وجّهوه ناحية الشام، فتوجّه. ثم وجّهوه جهة الشرق، فتحرّك. فوجّهوه إلى مكة فَبَرَك. ثم كان ما أراده الله من إهلاك الجيش وقائده, فأرسل عليهم جماعات من الطير، مع كل طائر منها ثلاثة أحجار: حجر في منقاره, وحجران في رجليه, لا تصيب منهم أحدا إلا هلك. فتركتهم كأوراق الشجر الجافة الممزقة. وأصيب أبرهة في جسده، وخرجوا به يتساقط لحمه قطعا صغيرة .
 
 
دليل الأبحاث العلمية حول القرآن الكريم